للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قال القرطبي (١): وهذا هو الصحيح أنه شامل لكل العالمين؛ كقوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤)[الشعراء].

والعالم: مشتق من العلامة. قلت: لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته؛ كما قال ابن المعتز:

فيا عجبًا كيف يعصى الإلـ … ـه أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد] (٢)

﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)﴾.

وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)﴾ تقدم الكلام عليه في البسملة بما أغنى عن الإعادة.

[قال القرطبي (١): إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب؛ كما قال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)[الحجر] وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥] قال: فالرب فيه ترهيب، والرحمن الرحيم ترغيب] (٣).

[وفي "صحيح مسلم" (٤)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد"] (٥).

﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾.

قرأ بعض القراء: "مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ" وقرأ آخرون ﴿مَالِكِ﴾ وكلاهما صحيح متواتر في السبع [ويقال: "مَلِكِ" (٦) - بكسر اللام وبإسكانها، ويقال: "مليك" أيضًا، وأشبع نافع كسرة الكاف؛ فقرأ "ملكي يوم الدين". وقد رجح كلًّا من القرائتين مرجحون من حيث المعنى، وكلاهما (صحيحة) (٧) حسنة. ورجح الزمخشري (٨): "ملك"؛ لأنها قراءة أهل الحرمين؛ ولقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] وقوله: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾ [الأنعام: ٧٣].

وحُكي عن أبي حنيفة أنه قرأ "مَلَك يوم الدين" عن أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدًّا" (٥).

وقد روى أبو بكر بن أبي داود (٩) في ذلك شيئًا غريبًا حيث قال: حدثنا أبو عبد الرحمن


(١) في "تفسيره" (١/ ١٣٩).
(٢) ساقط من (ز) و (هـ).
(٣) ساقط من (ز) و (هـ).
(٤) أخرجه مسلم (٢٧٥٥/ ٢٣) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا. وأخرجه البخاري (١١/ ٣٠١) من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة وفيه زيادة.
(٥) ساقط من (ز) و (هـ).
(٦) في "الكشاف" (١/ ٧).
(٧) وقع في (ن): "مالك" وهو تحريف.
(٨) في (ك): "صحيح"!
(٩) في "المصاحف" (ص ٩٣).