للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبي سعيد وابن عباس، وشداد بن أوس وأُبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين، وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبُريدة، وأبي أيوب وأبي أُمامة وسمرة بن جُندب وأبي الحمراء، وصهيب الرومي وأُم هانئ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق أجمعين، منهم من ساقه بطوله، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٨)[الصف].

﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)﴾.

لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد عطف بذكر موسى عبده ورسوله وكليمه أيضًا، فإنه تعالى كثيرًا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد عليهما من الله الصلاة والسلام، وبين ذكر التوراة والقرآن، ولهذا قال بعد ذكر الإسراء: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ يعني: التوراة ﴿وَجَعَلْنَاهُ﴾ أي: الكتاب ﴿هُدًى﴾ أي: هاديًا ﴿لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا﴾ أي: لئلا تتخذوا ﴿مِنْ دُونِي وَكِيلًا﴾ أي: وليًا ولا نصيرًا ولا معبودًا دوني، لأن الله تعالى أنزل على كل نبي أرسله أن يعبده وحده لا شريك له.

ثم قال: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ تقديره يا ذرية من حملنا مع نوح، فيه تهييج وتنبيه على المنة، أي: يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة تشبهوا بأبيكم ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدًا وقد ورد في الحديث وفي الأثر عن السلف أن نوحًا كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله، فلهذا سمي عبدًا شكورًا.

قال الطبراني: حدثني علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن عبد الله بن سنان، عن سعد بن مسعود الثقفي قال: إنما سمي نوح عبدًا شكورًا، لأنه كان إذا أكل أو شرب حمد الله (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو أُسامة، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها" (٢). وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق أبي أُسامة به (٣).

وقال مالك، عن زيد بن أسلم: كان يحمد الله على كل حال.


(١) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٦/ ٢٢ ح ٥٤٢٠)، وأخرجه الحاكم من طريق سفيان به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٦٠)، وأخرجه البخاري من طريق أبي نعيم به (التاريخ الكبير ٤/ ٥٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١١٧) وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، الذكر والدعاء، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب (ح ٢٧٣٤)، وسنن الترمذي، الأطعمة، باب ما جاء في الحمد على الطعام (ح ١٨١٦)، والسنن الكبرى للنسائي، الدعاء بعد الأكل، باب ثواب الحمد (ح ٦٨٩٩).