للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: يحصرون فيها (١)، وكذا قال غيره.

وقال الحسن: فرشًا ومهادًا (٢).

وقال قتادة: قد عاد بنو إسرائيل، فسلط الله عليهم هذا الحي محمد وأصحابه، يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون (٣).

﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠)﴾.

يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد ، وهو القرآن بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل، ﴿وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ به ﴿الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ﴾ على مقتضاه، ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ أي: يوم القيامة،

﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾، أي: ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن ﴿لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، أي: يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١].

﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾.

يخبر تعالى عن عجلة الإنسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله ﴿بِالشَّرِّ﴾، أي: بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك، فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١]، وكذا فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة، وقد تقدم في الحديث: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أموالكم أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها" (٤). وإنما يحمل ابن آدم على ذلك قلقه وعجلته، ولهذا قال تعالى: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾.

وقد ذكر سلمان الفارسي وابن عباس ههنا قصة آدم حين همّ بالنهوض قائمًا قبل أن تصل الروح إلى رجليه، وذلك أنه جاءته النفخة من قبل رأسه، فلما وصلت إلى دماغه عطس، فقال: الحمد لله، فقال الله: يرحمك ربك يا آدم. فلما وصلت إلى عينيه فتحهما، فلما سرت إلى أعضائه وجسده، جعل ينظر إليه ويعجبه، فهم بالنهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع، وقال: يا ربِّ [عجل] (٥) قبل الليل (٦).


(١) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة يونس آية ١١.
(٥) كذا في تفسير الطبري ومصنف ابن أبي شيبة ١٤/ ١١٠.
(٦) قول سلمان الفارسي أخرجه الطبري وابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات لكنه من طريق إبراهيم النخعي عن سلمان، وإبراهيم لم يسمع من سلمان، وقول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الضحاك عنه، والضحاك لم يلق ابن عباس.