للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشمس آية النهار، ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ السواد الذي في القمر (١).

وقد روى أبو جعفر بن جرير من طرق متعددة جيدة أن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين ما هذه اللطخة التي في القمر؟ فقال: ويحك أما تقرأ القرآن؟ فقال: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ فهذه محوه (٢).

وقال قتادة في قوله: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ كنا نحدث أن محو آية الليل سواد القمر الذي فيه، وجعلنا آية النهار مبصرة أي منيرة، وخلق الشمس أنور من القمر وأعظم (٣).

وقال ابن أبي نجيح، عن ابن عباس ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ﴾ قال: ليلًا ونهارًا، كذلك خلقهما الله ﷿ (٤).

﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)﴾.

يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما (٥) يقع فيه من أعمال بني آدم: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ وطائره هو ما طار عنه من عمله، كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما، من خير وشر ويلزم به ويجازى عليه (٦)، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة] وقال تعالى: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)[ق] وقال: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)[الانفطار] وقال: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦] وقال: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣]، والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه قليله وكثيره، ويكتب عليه ليلًا ونهارًا، صباحًا ومساءً.

وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، سمعت رسول الله يقول: "طائر كل إنسان في عنقه" قال ابن لهيعة: يعني الطيرة (٧)، وهذا القول من ابن لهيعة في تفسير هذا الحديث غريب جدًا، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾: أي نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة إما بيمينه إن كان سعيدًا أو بشماله إن كان شقيًا، منشورًا، أي: مفتوحًا يقرؤه هو وغيره


(١) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج به، وسنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري من طرق متعددة جيد كما قال الحافظ ابن كثير، وهو كما قال.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) سنده ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يسمع من ابن عباس ويتقوى بما سبق.
(٥) كذا في الأصل: و (ح)، وفي (حم): "وما".
(٦) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسندين ضعيفين عنه، ويتقوى بما يليه فقد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه لسوء حفظ ابن لهيعة (المسند ٢٣/ ١٦١ ح ١٤٨٧٨).