للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جرير بن حازم: سمعت أبا رجاء العطاردي، سمعت ابن عباس وهو على المنبر يقول: قال رسول الله : "لا يزال أمر هذه الأُمة مواتيًا أو مقاربًا ما لم يتكلموا في الوِلدان والقدر" (١).

قال ابن حبان: يعني أطفال المشركين، وهكذا رواه أبو بكر البزار من طريق جرير بن حازم، ثم قال: وقد رواه جماعة عن أبي رجاء، عن ابن عباس موقوفًا (٢).

﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)﴾.

اختلف القراء في قراءة قوله: ﴿أَمَرْنَا﴾ فالمشهور قراءة التخفيف (٣).

واختلف المفسرون في معناها، فقيل: معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرًا قدريًا، كقوله تعالى: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا﴾ [يونس: ٢٤] فإن الله لا يأمر بالفحشاء، قالوا: معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش، فاستحقوا العذاب.

وقيل: معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش، فاستحقوا العقوبة، رواه ابن جريج عن ابن عباس (٤)، وقاله سعيد بن جبير أيضًا (٥).

وقال ابن جرير: يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء، قلت إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ: (أمَّرنا (٦) مترفيها).

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (أمرَّنا مترفيها ففسقوا فيها) يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب، وهو قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا﴾ (٧) [الأنعام: ١٢٣]، وكذا قال أبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس (٨).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً (٩) أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ يقول: أكثرنا


(١) أخرجه ابن حبان من طريق جرير به (الإحسان ٨/ ٢٥٦ ح ٦٦٨٩)، وأخرجه الحاكم من طريق جرير به وصححه وقال: لا نعلم له علة ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٣٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ١٥١٥)، وانظر المزيد في الرواية التالية:
(٢) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢١٨٠)، وقال الهيثمي: ورجال البزار رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ٢٠٢)، وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد من طريق جرير به موقوفًا على ابن عباس (السنة ٧٠٣).
(٣) وهي قراءة متواترة.
(٤) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج به، وسنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري من طريق شريك عن سلمة أو غيره عن سعيد بن جبير وسنده ضعيف لعدم الجزم باسم شيخ شريك. ومعناه صحيح.
(٦) وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٧) أخرجه الطبري بسند ثابث من طريق علي بن أبي طلحة به.
(٨) قول أبي العالية والربيع بن أنس أخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع تارة، وعن الربيع عن أبي العالية تارة أخرى وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(٩) وهي قراءة متواترة.