للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عددهم (١)، وكذا قال عكرمة والحسن والضحاك وقتادة (٢). وعن مالك، عن الزهري ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أكثرنا (٣).

وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإمام أحمد، حيث قال: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو نعيم العدوي، عن مسلم بن بديل، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هُبيرة، عن النبي قال: "خير مال امرئ له مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة" (٤).

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه الغريب: "المأمورة كثيرة النسل، والسكة الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة من التأبير".

وقال بعضهم: إنما جاء هذا متناسبًا كقوله: "مأزورات غير مأجورات" (٥).

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (١٧)﴾.

يقول تعالى منذرًا كفار قريش في تكذيبهم رسوله محمدًا ، بأنه قد أهلك من المكذبين للرسل من بعد نوح، ودلَّ هذا على أن القرون التي كانت بين آدم ونوح على الإسلام كما قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام (٦)، ومعناه أنكم أيها المكذبون لستم أكرم على الله منهم وقد كذّبتم أشرف الرسل وأكرم الخلائق، فعقوبتكم أولى وأحرى.

وقوله: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾ أي: هو عالم بجميع أعمالهم: خيرها وشرها لا يخفى عليه منها خافية [] (٧).

﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)﴾.

يخبر تعالى أنه ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل عليه، بل إنما يحصل لمن


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي به ويتقوى بالآثار الآتية:
(٢) قول عكرمة أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سماك عنه، وقول الحسن أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف لإبهام شيخ الطبري، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٧٠)، وسنده ضعيف لأنه مرسل أرسله سويد وهو تابعي وقد رواه بلاغًا فيما أخرجه ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٤/ ٢٣٣)، وقد أكد البسوي أنه تابعي (المعرفة والتاريخ ٣/ ٦٩)، وقال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد ٥/ ٢٥٨) وحتى لو كان رجاله ثقات فعلة الإرسال باقية.
(٥) أخرجه ابن ماجه من حديث علي قال: خرج رسول الله فإذا نسوة جلوس فقال: ما يجلسكنَّ؟ قلن: ننتظر الجنازة قال: هل تغسلن؟ قلن: لا. قال هل تحملن؟ قلن: لا. قال هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا. قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات (السنن، الجنائز، باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز ح ١٥٧٨) وفي التعليق عليه عن البوصيري: في إسناده دينار بن عمر، وهو وإن وثقه وكيع وذكره ابن حبان في الثقات فقد قال أبو حاتم: ليس بالمشهور. وقال الأزدي: متروك. وقال الخليلي في الإرشاد: كذاب. وهذا الحديث ذكره ابن الجوزي في (العلل المتناهية ٢/ ٤٢٠).
(٦) تقدم تخريجه وصحته عن ابن عباس .
(٧) زيادة من (حم) و (ح).