للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - قوة استنباط الصحابة كما سنري رأي ابن عباس في تفسير سورة النصر.

٦ - أن النبي قد دعا لبعض هؤلاء كما دعا لعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود .

٧ - خلو تفاسيرهم من التأويل المذموم.

٨ - قوة منجهيتهم ومنها النقد المبكر والتثبت من الرواية.

فنرى قوة النقد عند الصحابة، في نقدهم للآخرين من التابعين أو من صغار الصحابة، وهذا المنهج أثرى علم التفسير بالتحذير من الرواة الضعفاء، وتصحيح أخطاء التلاميذ المفسرين بتمييز الضعفاء وبعض الروايات الغريبة والمرجوحة.

فروى البخاري عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا البكالي -كان يعتني بقراءة كتب أهل الكتاب- يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل فقال ابن عباس: كذب عدو الله.

وسيأتي هذا الحديث في تفسير سورة الكهف آية [٦٠].

وصحَّ عن ابن عباس أنه سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣] فأجاب سعيد بن جبير: قربى آل محمد. فقال ابن عباس: عجلت، إن النبي لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم قرابة (١).

وقال معاوية بن أبي سفيان لكعب الأحبار: أنت الذي قلت أن ذي القرنين ربط فرسه بالثريا؟

وقال ابن عباس: كذبت اليهود بأن إسحاق هو الذبيح.

وقال ابن عباس: إذا جاءنا الثبت عن أبي الحسن لم نعدل به.

وإضافة إلى اهتمام الحافظ ابن كثير وعنايته بإيراد تفاسير الصحابة فقد تفنن في إيراد أقوال الصحابة، فهو تارة يسوق قول الصحابي مسندًا مختصرًا بذكر الطريق كطريق الضحاك عن ابن عباس، وطريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وطريق العوفي عن ابن عباس، وذلك لبيان نقد السند، وقد حكم على هذه الطرق وغيرها الحافظ ابن حجر في مقدمته النفيسة لكتابه القيم (العجاب في بيان الأسباب) فقد حبَّر تلك القطعة النقدية التي لا يستغني عنها طالب العلم وخصوصًا المتخصص في علم التفسير.

وأحيانًا يذكر طريقًا ضعيفًا عن الصحابي ثم يردفه بشاهد من الشعر الأصيل كما فعل في مطلع تفسير سورة الأنفال فقد ساق طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: "الأنفال": الغنائم، ثم ساق الشعر عن لَبِيد :

إن تقوى ربنا خير نفل … وبإذن الله ريثي وعجل

وبهذا فقد سلك مسلكًا ذكيًا في اختصار السند وذكر الطريق كي يتبين درجته من الصحة، وهذا في غاية الإتقان والبيان.


(١) صحيح البخاري، كتاب التفسير، عند تفسير هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>