للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧] وقال: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: ٨٥] أي: سائلك عما فرض عليك من إبلاغ الرسالة.

وقوله: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشيًا، من عباد الله سواء كانوا فقراء أو أغنياء، أو أقوياء أو ضعفاء، يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي أن يجلس معهم، وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، كبلال وعمار وصهيب وخباب وابن مسعود، وليفرد أولئك بمجلس على حدة، فنهاه الله عن ذلك فقال: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ الآية [الأنعام: ٥٢]، وأمره أن يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء، فقال: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ الآية.

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد هو: ابن أبي وقاص قال: كنَّا مع النبي ستة نفر فقال المشركون للنبي : اطرد هؤلاء لا يجترؤون علينا قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال، ورجلان نسيت اسميهما، فوقع في نفس رسول الله ما يشاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله ﷿: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ (١). انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي التيَّاح قال: سمعت أبا الجعد يحدث عن أبي أُمامة قال: خرج رسول الله على قاصٍّ يقصُّ فأمسك، فقال رسول الله : "قصّ، فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب" (٢).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا هاشم، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت كردوس بن قيس، وكان قاصّ العامة بالكوفة، يقول: أخبرني رجل من أصحاب بدر أنه سمع النبي يقول: "لأن أقعد في مثل هذا المجلس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب" قال شعبة: فقلت أي مجلس؟ قال: كان قاصًا (٣).

وقال أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا محمد، حدثنا يزيد بن أبان، عن أنس قال: قال رسول الله : "لأن أجالس قومًا يذكرون الله من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ولأن أذكر الله من صلاة العصر إلى غروب الشمس أحب إلي من أن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفًا" فحسبنا دياتهم ونحن في مجلس أنس، فبلغت ستة وتسعين ألفًا وههنا من يقول أربعة من ولد إسماعيل، والله ما قال إلا ثمانية، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفًا (٤).


(١) أخرجه مسلم بسنده ومتنه (الصحيح، فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص ٢٤١٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعفه محققوه (المسند ٣٦/ ٥٩٠ ح ٢٢٢٥٤).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعفه محققوه لجهالة كردوس (المسند ٢٥/ ٢٣٦ ح ١٥٩٠٠).
(٤) أخرجه الطيالسي بسنده ومتنه (المسند ص ٢٨١ ح ٢١٠٤)، وسنده ضعيف لضعف يزيد بن أبان وهو الرقاشي.