للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥)﴾ منزلًا وطريقًا ما بين المشرق والمغرب (١).

وفي رواية عن مجاهد ﴿سَبَبًا﴾ قال: طريقًا في الأرض (٢).

وقال قتادة: أي اتبع منازل الأرض ومعالمها (٣).

وقال الضحاك: ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥)﴾ أي: المنازل (٤).

وقال سعيد بن جبير في قوله: ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥)﴾ قال: علمًا، وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى والسدي.

وقال مطر: معالم وآثار كانت قبل ذلك.

وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾ أي: فسلك طريقًا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب وهو مغرب الأرض، وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة، والشمس تغرب من ورائه، فشيء لا حقيقة له، وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب واختلاق زنادقتهم وكذبهم، وقوله: ﴿وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ أي: رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه، والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين (٥) من الحمأة وهو الطين، كما قال تعالى: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٨] أي: طين أملس، وقد تقدم بيانه (٦).

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أنبأنا نافع بن أبي نعيم: سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول: كان ابن عباس يقول: ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ ثم فسرها ذات حمئة، قال نافع: وسئل عنها كعب الأحبار، فقال: أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء (٧)، وكذا روى غير واحد عن ابن عباس (٨)، وبه قال مجاهد وغير واحد (٩).

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا محمد بن دينار، عن سعد بن أوس، عن مصدع، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب: أن النبي أقرأه حمئة (١٠).


(١) أخرجه آدم ابن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق أبي يحيى القتات عن مجاهد، وأبو يحيى لين الحديث (التقريب ص ٦٨٤).
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٥) أي قراءة: (حمئة) وهو متواترة، والقراءة الأخرى: ﴿حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] وهي متواترة أيضًا.
(٦) تقدم في تفسير سورة الحجر، آية ٢٨.
(٧) أخرجه نافع بن أبي نعيم في تفسيره بسنده ومتنه (التفسير رقم ٣٣)، وسنده صحيح، وأخرجه الطبري عن يونس به.
(٨) أخرجه عبد الرزاق والطبري من طريق عكرمة وعثمان بن حاضر، وكلها أسانيد ثابتة.
(٩) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١٠) أخرجه الطيالسي بسنده ومتنه (المسند رقم ٥٣٦)، وأخرجه أبو داود السجستاني من طريق محمد بن دينار به (السنن، الحروف والقراءات ح ٣٩٨٦)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٣٧٢).