للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا هشام بن يوسف قال في تفسير ابن جريج: ﴿وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا﴾ قال: مدينة لها اثنا عشر ألف باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب (١) الشمس حين تجب (٢).

وقوله: ﴿وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا﴾ أي: أمّة من الأمم ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم، وقوله: ﴿قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ معنى هذا أن الله تعالى مكّنه منهم وحكمه فيهم وأظفره بهم، وخيّره إن شاء قتل وسبي، وإن شاء منّ أو فدى فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله، وبيانه في قوله: ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ أي: استمر على كفره وشركه بربه ﴿فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾.

قال قتادة: بالقتل (٣).

وقال السدي: كان يحمي لهم بقر النحاس ويضعهم فيها حتى يذوبوا (٤).

وقال وهب بن منبه: كان يسلط الظلمة فتدخل أجوافهم وبيوتهم وتغشاهم من جميع جهاتهم (٥)، والله أعلم.

وقوله: ﴿ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا﴾ أي: شديدًا بليغًا وجيعًا أليمًا وفي هذا إثبات المعاد والجزاء.

وقوله: ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ﴾ أي: اتبعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ﴿فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ أي: في الدار الآخرة عند الله ﷿ ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ قال مجاهد: معروفًا (٦).

﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٨٩) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (٩٠) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (٩١)﴾.

يقول تعالى: ثم سلك طريقًا فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها، وكان كلما مرّ بأُمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله ﷿، فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم آنافهم واستباح أموالهم وأمتعتهم واستخدم من كل أُمة ما تستعين به جيوشه على قتال الأقاليم المتاخمة لهم، وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفًا وستمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض، كما قال تعالى: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾ أي: أمة ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ أي: ليس لهم بناء يكنهم (٧)، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس.


= عبد الرزاق من طريق خليل بن أحمد، ومن طريق عمرو بن مبذول عن عثمان بن حاضر عن ابن عباس بنحوه، وهذه الطرق تقوي بعضها بعضًا. والقراءة شاذة تفسيرية.
(١) أي: سقوطها عند المغيب.
(٢) أخرجه أبو الشيخ عن أبي يعلى به (العظمة ٤/ ١٤٤٠ ح ٩٥٢) وسنده مرسل، وهو من الإسرائيليات.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي كما في الدر المنثور.
(٥) وهذه الرواية والتي قبلها ظاهرها من الإسرائيليات.
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أي: يسترهم.