للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعيد بن جبير: كانوا حمرًا قصارًا مساكنهم الغيران أكثر معيشتهم من السمك (١).

قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سهل بن أبي الصلت: سمعت الحسن وسئل عن قول الله تعالى: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قال: إن أرضهم لا تحمل البناء، فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم قال الحسن: هذا حديث سَمُرة (٢).

وقال قتادة: ذُكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئًا فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم (٣).

وعن سلمة بن كهيل أنه قال: ليست لهم أكنان (٤) إذا طلعت الشمس طلعت عليهم فلأحدهم أذنان يفرش إحداهما ويلبس الأخرى (٥).

قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قال: هم الزنج (٦).

وقال ابن جريج في قوله: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ قال: لم يبنوا فيها بناء قط، ولم يبن عليهم بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابًا لهم حتى تزول الشمس أو دخلوا البحر، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل. جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها: لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها، قالوا: لا نبرح حتى تطلع الشمس ما هذه العظام؟ قال: هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس ههنا … فماتوا، قال: فذهبوا هاربين في الأرض (٧).

وقوله: ﴿كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (٩١)﴾ قال مجاهد والسدي: علمًا (٨)؛ أي: نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه لا يخفى علينا منها شيء، وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض، فإنه تعالى: ﴿لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران: ٥].

﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٩٢) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (٩٣) قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن ذي القرنين: ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٩٢)﴾ أي: ثم سلك طريقًا من مشارق


(١) أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور.
(٢) أخرجه الطبري من طريق أبي داود به، وأخرجه أبو الشيخ من طريق سهل به (العظمة رقم ٩٧٩)، وسنده منقطع؛ لأن الحسن لم يسمع من سمرة سوى حديث العقيقة.
(٣) أخرجه الطبري من طريق قتادة به وسنده مرسل لأن قتادة لم يذكر اسم شيخه.
(٤) الأكنان: جمع كِن، وهو البيت والوِقاء.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور، وهذا الخبر غريب عليه أمارات الإسرائيليات.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين، وهو ابن داود: ضعيف.
(٨) قول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول السدي لم أجده.