للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول: سمعت رسول الله يقول: "إن السري الذي قال الله لمريم: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ نهر أخرجه الله لتشرب منه" (١).

وهذا حديث غريب جدًا من هذا الوجه. وأيوب بن نَهيك هذا هو الحبلى، قال فيه أبو حاتم الرازي: ضعيف. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث.

وقال آخرون: المراد بالسري: عيسى ، وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عباد بن جعفر، وهو إحدى الروايتين عن قتادة، وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٢) والقول الأول أظهر. ولهذا قال بعده: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ أي: وخذي إليك بجذع النخلة. قيل: كانت يابسة، قاله ابن عباس (٣). وقيل: مثمرة. قال مجاهد: كانت عجوة (٤). وقال الثوري: [عن أبي داود] (٥) نفيع الأعمى: كانت صرفانة (٦)، والظاهر أنها كانت شجرة، ولكن لم تكن في إبان ثمرها، قاله وهب بن منبه (٧)، ولهذا امتنَّ عليها بذلك بأن جعل عندها طعامًا وشرابًا فقال: ﴿تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥)

﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا﴾ أي: طيبي نفسًا، ولهذا قال عمرو بن ميمون: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، ثم تلا هذه الآية الكريمة (٨).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا شيبان، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن عروة بن رويم، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله : "أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها" وقال رسول الله : "أطعموا نساءكم الوُلّد الرطب، فإن لم يكن رطب فتمر، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران" هذا حديث منكر جدًا ورواه أبو يعلى عن شيبان به (٩).

وقرأ بعضهم ﴿تُسَاقِطْ﴾ بتشديد السين، وآخرون بتخفيفها (١٠). وقرأ أبو نهيك: "تُسْقط عليك


(١) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١٢/ ٣٤٦ ح ١٣٣٠٣)، وضعف سنده الحافظ ابن كثير لضعف أيوب بن نَهيك.
(٢) قول الحسن ذكره الحافظ ابن حجر ونسبه إلى الطبري وقال: وهذا شاذ (فتح الباري ٦/ ٤٧٩)، ونسبه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة عن الحسن. وبهذا يكون أخرجه الطبري بسند صحيح عن قتادة، وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله وهب، عنه.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عيسى بن ميمون عن مجاهد.
(٥) كذا في (حم)، وترجمته في التقريب، وهو متروك وكذبه ابن معين (التقريب ص ٥٦٥)، وفي الأصل: "أبو الأسود".
(٦) الصَرَفان: نوع من التمور الجيدة، واحدته: صرفانة.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب: أنه الرطب.
(٨) أخرجه عبد الرزاق والبستي والطبري بسند صحيح من طريق حصين - وهو ابن عبد الرحمن الكوفي - عن عمرو بن ميمون. وكلامه صحيح مجرب.
(٩) أخرجه العقيلي (الضعفاء الكبير ٤/ ٢٥٦)، وابن عدي (الكامل ٦/ ٢٤٢٤)، وأبو يعلى (المسند ١/ ٣٥٣ ح ٤٥٥) كلهم من طريق مسرور بن سعيد التميمي به، وسنده ضعيف لضعف مسرور، وعروة لم يسمع عن علي . وقال الألباني: موضوع (السلسلة الضعيفة ح ٢٦٣).
(١٠) القراءتان متواترتان.