للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية، عن داود، عن عكرمة قال: قال ابن عباس قوله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾ قال: كان هارون أكبر من موسى، ولكن أراد وهب نبوته له (١)، وقد ذكره ابن أبي حاتم معلقًا عن يعقوب وهو: ابن إبراهيم الدّورقي به (٢).

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)﴾.

هذا ثناء من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه كان صادق الوعد.

قال ابن جريج: لم يعد ربه عدة إلا أنجزها؛ يعني ما التزم عبادة قط بنذر إلا قام بها ووفاها حقها.

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل حدثه أن إسماعيل النبي وعد رجلًا مكانًا أن يأتيه فيه، فجاء ونسي الرجل، فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد، فقال: ما برحت من ههنا؟ قال: لا. قال: إني نسيت قال: لم أكن أبرح حتى تأتيني، فلذلك ﴿كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ (٣).

وقال سفيان الثوري: بلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولًا حتى جاءه (٤).

وقال [ابن شوذب] (٥): بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع مسكنًا (٦).

وقد روى أبو داود في سننه، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه مكارم الأخلاق، من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بُديل بن ميسرة، عن عبد الكريم - يعني: ابن عبد الله بن شقيق -، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي الحمساء، قال: بايعت رسول الله قبل أن يبعث، فبقيت له علي بقية، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك، قال: فنسيت يومي والغد، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك، فقال لي: "يا فتى لقد شققت عليّ، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك". لفظ الخرائطي (٧)، وساق آثارًا حسنة في ذلك، ورواه ابن منده أبو عبد الله في كتاب معرفة الصحابة بإسناده عن إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الكريم، به (٨).

وقال بعضهم: إنما قيل له: ﴿صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ لأنه قال لأبيه: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢] فصدَّق في ذلك، فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما أن خُلْفه من الصفات


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٢) سنده كسابقه.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإرساله.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم وسنده ضعيف لأن الثوري رواه بلاغًا.
(٥) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "سودب".
(٦) وسنده ضعيف كسابقه.
(٧) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في العِدة (ح ٤٩٩٦)، ومكارم الأخلاق (ح ٣٢)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (ح ١٠٦٢).
(٨) سنده كسابقه.