للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ثمامة قال: قال الحواريون: يا روح الله أخبرنا عن المخلص لله؟ قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس (١). وقرأ الآخرون بفتحها بمعنى أنه كان مصطفى، كما قال تعالى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤].

﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ جمع الله له بين الوصفين، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين.

وقوله: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ﴾ أي: الجبل ﴿الْأَيْمَنِ﴾ أي من جانبه الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوة فرآها تلوح، فقصدها فوجدها في جانب الطور الأيمن منه عند شاطئ الوادي، فكلمه الله تعالى وناداه وقربه فناجاه.

روى ابن جرير: حدثنا [ابن بشار] (٢)، حدثنا يحيى - هو القطان -، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ قال: أُدني حتى سمع صريف القلم (٣)، وهكذا قال مجاهد وأبو العالية وغيرهم؛ يعنون: صريف القلم بكتابة التوراة (٤).

وقال السدي: ﴿قَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ قال: أدخل في السماء فكلم، وعن مجاهد نحوه.

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة ﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ قال: نجا بصدقه (٥).

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الجبار بن عاصم، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي واصل، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن معديكرب قال: لما قرب الله موسى نجيًا بطور سيناء قال: يا موسى إذا خلقت لك قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا وزوجة تعين على الخير، فلم أخزن عنك من الخير شيئًا، ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئًا (٦).

وقوله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾ أي: وأجبنا سؤاله وشفاعته في أخيه، فجعلناه نبيًا، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤)[القصص] وقال: ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ٣٦] وقال: ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤)[الشعراء] ولهذا قال بعض السلف: ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيًا، قال الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾.


(١) سنده مرسل لأن مثل هذه الروايات لا تؤخذ إلا من حديث رسول الله .
(٢) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صُحف إلى: "ابن يسار".
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه الثوري عن عطاء به، وأخرجه البستي من طريق ابن بشار، به وسنده حسن.
(٤) قول مجاهد أخرجه أبو الشيخ (العظمة ح ٢٨٢)، والطبري بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول أبي العالية أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عنه، وكلاهما مرسل يقوي أحدهما الآخر ويتقويان بسابقهما.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم، وفي سنده شهر بن حوشب فيه مقال، والخبر من أهل الكتاب.