للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾.

هذا ذكر إدريس بالثناء عليه بأنه كان صديقًا نبيًا، وأن الله رفعه مكانًا عليًا، وقد تقدم في الصحيح أن رسول الله مرّ به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة (١). وقد روى ابن جرير ههنا أثرًا غريبًا عجيبًا، فقال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعبًا وأنا حاضر فقال له: ما قول الله ﷿ لإدريس: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ فقال كعب: أما إدريس، فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم، فأحب أن يزداد عملًا، فأتاه خليل له من الملائكة فقال له: إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى ازداد عملًا، فحمله بين جناحيه حتى صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرًا، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ فقال: هوذا على ظهري. قال ملك الموت: العجب، بعثت وقيل لي: اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟ فقبض روحه هناك، فذلك قول الله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)(٢). هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة، والله أعلم.

وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أنه سأل كعبًا فذكر نحو ما تقدم، غير أنه قال لذلك الملك: هل لك أن تسأله؛ يعني: ملك الموت، كم بقي من أجلي لكي أزداد من العمل؟ وذكر باقيه، وفيه: أنه لما سأله عما بقي من أجله، قال: لا أدري حتى أنظر، فنظر ثم قال: إنك تسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر به (٣)، ثم رواه من وجه آخر عن ابن عباس أن إدريس كان خياطًا، فكان لا يغرز إبرة إلا قال: سبحان الله، فكان يمسي حين يمسي وليس في الأرض أحد أفضل عملًا منه، وذكر بقيته كالذي قبله أو نحوه (٤).

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ قال إدريس: رفع ولم يمت كما رفع عيسى (٥).

وقال سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ قال: السماء الرابعة (٦).


= استيقظ وأيقظ امرأته فصليا (ح ١٣١)، وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل (ح ١٣٣٥)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١١٦١).
(١) تقدم في تفسير سورة الإسراء آية ١.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن، لكنه من أخبار كعب الأحبار المعروف برواية الإسرائيليات.
(٣) حكمه كسابقه.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم وحكم كسابقه.
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، لكنه غريب تفرد به مجاهد، ومثل هذا لا يؤخذ إلا من حديث ثابت مرفوع.
(٦) أخرجه الثوري بسنده ومتنه، وسنده صحيح موافق للحديث الصحيح المتقدم في بداية تفسير سورة الإسراء، =