للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ قال: رفع إلى السماء السادسة فمات بها (١)، وهكذا قال الضحاك بن مزاحم (٢).

وقال الحسن وغيره في قوله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾ قال: الجنة (٣).

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)﴾.

يقول تعالى: هؤلاء النبيون - وليس المراد المذكورين في هذه السورة فقط؛ بل جنس الأنبياء استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس ﴿الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ﴾ الآية، قال السدي وابن جريج . فالذي عنى به من ذرية آدم: إدريس، والذي عنى به من ذرية من حملنا مع نوح: إبراهيم، والذي عنى به من ذرية إبراهيم: إسحاق ويعقوب وإسماعيل، والذي عنى به من ذرية إسرائيل: موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى ابن مريم، قال ابن جرير: ولذلك فرق أنسابهم وإن كان يجمع جميعهم آدم؛ لأن فيهم من ليس من ولد من كان مع نوح في السفينة وهو إدريس، فإنه جد نوح (٤).

(قلت): هذا هو الأظهر أن إدريس في عمود نسب نوح ، وقد قيل: إنه من أنبياء بني إسرائيل أخذ من حديث الإسراء، حيث قال في سلامه على النبي : مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ولم يقل: والولد الصالح، كما قال آدم وإبراهيم (٥).

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا يونس، أنبأنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن محمد: أن إدريس أقدم من نوح، فبعثه الله إلى قومه فأمرهم أن يقولوا: لا إله إلا الله، ويعملوا ما شاؤوا، فأبوا فأهلكهم الله ﷿ (٦).

ومما يؤيد أن المراد بهذه الآية جنس الأنبياء أنها كقوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (٨٦) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧)﴾ إلى أن قال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٨٣ - ٩٠] وقال : ﴿مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: ٧٨].


= وأخرجه ابن أبي شيبة عن سفيان به (المصنف ١١/ ٥٥٠)، وكذا الطبري.
(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٢) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان، وهو مخالف لما في الصحيحين أنه في السماء الرابعة.
(٣) قول مخالف لما في الصحيحين أنه في السماء الرابعة وليس في الجنة.
(٤) ذكره الطبري دون ذكر السدي.
(٥) تقدم في بداية تفسير سورة الإسراء.
(٦) سنده مرسل ولعله من أخبار أهل الكتاب.