للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبلي إلا أن يكون موسى؛ كان موسى يدعو وهارون يؤمن، فاختموا الدعاء بآمين؛ فإن الله يستجيبه لكم".

قلت: ومن هنا نزع بعضهم (١) في الدلالة بهذه الآية الكريمة؛ وهي قوله تعالي: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)[يونس] فذكر الدعاء عن موسى وحده، ومن سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمن، فنزل منزلة من دعا؛ لقوله تعالى: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ فدل ذلك على أن من أمن على دعاء فكأنما قاله؛ فلهذا قال من قال: إن المأموم لا يقرأ؛ لأن تأمينه على قراءة الفاتحة بمنزلة قراءتها؛ ولهذا جاء في الحديث: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة [رواه أحمد في "مسنده"] (٢). وكان بلال يقول: "لا تسبقني بآمين (يا رسول الله) (٣) ".

فدل هذا المنزع على أن المأموم لا قراءة عليه في الجهرية. والله أعلم.

ولهذا قال ابن مردويه (٤): حدثنا أحمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن سلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا جرير، عن (ليث بن أبي سليم) (٥)، عن كعب، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله : "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين، آمين، فوافق "آمين" أهل الأرض "آمين" أهل السماء غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه ومثل من لا يقول: آمين كمثل رجل غزا مع قوم، فاقترعوا، فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه، فقال: لم لم يخرج سهمي؟ فقيل: إنك لم تقل: آمين (٦) ".

* * *


= ثبت الخبر" وابن مردويه، والحكيم الترمذي في "النوادر" كما في "الدر" (١/ ١٧)؛ وابن عدي (٣/ ١٠٩٤) فانحصرت العلة في زربي بن عبد الله فهو واهٍ، قال ابن حبان: "منكر الحديث على قلته، ويروي عن أنس ما لا أصل له فلا يحتج به". وقال البخاري: "فيه نظر" وقال ابن عدي: "ولزربي من الحديث قليل، وأحاديثه وبعض متون أحاديث منكرة". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (ج ٢/ رقم ٢٦٥١) عن بشر بن رافع، عن أبي عبد الله، عن أبي هريرة: قال: كان موسى بن عمران إذا دخل أمَّن هارون على دعائه، قال: وسمعت أبا هريرة: آمين اسم من أسماء الله ﷿. وسنده واهٍ. وبشر بن رافع ضعفه أحمد وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات" وأبو عبد الله هو ابن عم أبي هريرة اختلف في اسمه وقال ابن القطان والذهبي: "لا يعرف".
(١) انظر: "التمهيد" (٧/ ١٢، ٢٢/ ١٦)؛ لابن عبد البر .
(٢) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ى).
(٣) من (ن).
(٤) وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ج ١١/ رقم ٦٤١١) قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير بسنده سواء قال السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ١٧): "إسناده جيد"! وليس كما قال فإن ليث بن أبي سليم ضعيف، وقد صح أوله كما مرّ قريبًا. والله أعلم.
(٥) في (ن): "ليث عن ابن أبي سليم" وهو خطأ ظاهر.
(٦) في حاشية (ج): "آخر الجزء الثالث من أجزاء المؤلف" وفي حاشية (ع): "بلغ مقابلة بقراءة المصنف معارضًا بأصله".