للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قول الله تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ قال: ليس في الجنة ليل، هم في نور أبدًا ولهم مقدار الليل والنهار، ويعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وبفتح الأبواب (١).

وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلم، عن خُليد، عن الحسن البصري، وذكر أبواب الجنة فقال: أبواب يرى ظاهرها من باطنها فتكلم وتكلم فَتُهمْهِمُ، انفتحي انغلقي فتفعل (٢).

وقال قتادة في قوله: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ فيها ساعتان بكرة وعشي، ليس ثَمَّ ليل ولا نهار، وإنما هو ضوء ونور (٣).

وقال مجاهد: ليس بكرة ولا عشي، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا (٤).

وقال الحسن وقتادة وغيرهما: كانت العرب الأنعم فيهم من يتغدى ويتعشى، فنزل القرآن على ما في أنفسهم من النعيم فقال تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ (٥).

وقال ابن مهدي، عن حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ قال: البكور يرد على العشي، والعشي يرد على البكور، ليس فيها ليل (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا سليم بن منصور بن عمار، حدثني أبي، حدثني محمد بن زياد قاضي أهل شمشاط، عن عبد الله بن حدير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "ما من غداة من غدوات الجنة وكل الجنة غدوات، إلا أنه يزف إلى ولي الله، فيها زوجة من الحور العين أدناهنَّ التي خلقت من الزعفران" قال أبو محمد: هذا حديث غريب منكر (٧).

وقوله: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)﴾ أي: هذه الجنة التي وصفنا بهذه الصفات العظيمة، هي التي نورثها عبادنا المتقين، وهم المطيعون لله ﷿ في السراء والضراء، والكاظمون الغيظ، والعافون عن الناس، وكما قال تعالى في أول سورة المؤمنين ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾ إلى أن قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)[المؤمنون].

﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى ووكيع قالا: حدثنا عمر بن ذرّ، عن أبيه، عن سعيد بن جبير،


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده معضل لأن مثل هذا الأثر لا يؤخذ إلا من حديث شريف.
(٢) أخرجه الطبري بسنده بلفظ: "فتفهمهم"، وسنده مرسل.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، لكنه مرسل ويتقوى بالمراسيل التالية.
(٤) أخرجه الثوري وعبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) قول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٦) سنده صحيح لكنه مرسل، ويتقوى بالمراسيل الثلاثة السابقة.
(٧) وهو كما قال، فإن منصور بن عمار: ضعيف.