للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله لجبرائيل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر ما تزورنا؟ " قال: فنزلت ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ. . .﴾ إلى آخر الآية (١).

انفرد بإخراجه البخاري فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيم، عن عمر بن ذرّ، به (٢). ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عمر بن ذرّ به وعندهما زيادة في آخر الحديث: فكان ذلك الجواب لمحمد (٣).

وقال العوفي، عن ابن عباس: احتبس جبرائيل عن رسول الله فوجد رسول الله من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال: يا محمد ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ الآية (٤).

وقال مجاهد: لبث جبرائيل عن محمد اثنتي عشرة ليلة، ويقولون: أقل، فلما جاءه قال: "يا جبرائيل لقد لبثت عليَّ حتى ظنَّ المشركون كلَّ ظن" فنزلت ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ الآية. قال: وهذه الآية كالتي في الضحى (٥) (٦)، وكذلك قال الضحاك بن مزاحم وقتادة والسدي وغير واحد: إنها نزلت في احتباس جبرائيل (٧). وقال الحكم بن أبان عن عكرمة قال: أبطأ جبرائيل النزول على النبي : أربعين يومًا، ثم نزل، فقال له النبي : "ما نزلت حتى اشتقت إليك" فقال له جبريل: بل أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور، فأوحى الله إلى جبرائيل أن قل له: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ الآية (٨)، ورواه ابن أبي حاتم ، وهو غريب.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مجاهد قال: أبطأت الرسل على النبي ، ثم أتاه جبريل فقال له: "ما حبسك يا جبريل؟ " فقال له جبريل: وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصّون أظفاركم، ولا تنقّون براجمكم، ولا تأخذون شواربكم، ولا تستاكون. ثم قرأ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ. . .﴾ إلى آخر الآية (٩).

وقد قال الطبراني: حدثنا أبو عامر النحوي، حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا إسماعيل بن عياش، أخبرني ثعلبة بن مسلم، عن أَبي كعب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن النبي أن جبرائيل أبطأ عليه فذكر له ذلك، فقال: وكيف وأنتم لا تستنون (١٠)، ولا تقلمون أظفاركم، ولا تقصّون شواربكم، ولا تنقّون


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٢٣١)، وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، التفسير، باب ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ [مريم: ٦٤] (ح ٤٧٣١).
(٣) أخرجه الطبري من طريق وكيع عن عمر بن ذر، وسنده صحيح، والزيادة صحيحة.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بسابقه.
(٥) أي: قوله تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾ [الضحى].
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، لكنه مرسل ويتقوى برواية الصحيح السابقة.
(٧) قول الضحاك أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه، وهذان المرسلان يقوى أحدهما الآخر ويتقويان بالحديث الصحيح المتقدم.
(٨) وسنده مرسل، والحكم بن أبان: صدوق له أوهام، كما في التقريب.
(٩) رجاله ثقات لكنه مرسل، ويتقوى بما سبق.
(١٠) أي: لا تستعملون السواك.