للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن سويد المقبري، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا مسعر، عن عون، عن عبد الله قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان، هل مرَّ بك اليوم ذاكر الله ﷿؟ فيقول: نعم ويستبشر، قال عون: لهي للخير أسمع أفيسمعن الزور والباطل إذا قيل ولا يسمعن غيره، ثم قرأ ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١)(١).

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا هَوذة، حدثنا عوف، عن غالب بن عجرد، حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال: بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة - أو قال:- كان لهم فيها منفعة، ولم تزل الأرض والشجر بذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة قولهم: اتخذ الرحمن ولدًا، فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض وشاك الشجر. وقال كعب الأحبار: غضبت الملائكة واستعرت جهنم حين قالوا ما قالوا (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنه يشرك به ويجعل له ولدًا، وهو يعافيهم ويدفع عنهم وبرزقهم" (٣) أخرجاه في الصحيحين (٤). وفي لفظ: "إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم".

وقوله: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)﴾ أي: لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته؛ لأنه لا كفء له من خلقه؛ لأن جميع الخلائق عبيد له، ولهذا قال: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)﴾ أي: قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)﴾ أي: لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، ولا يظلم أحدًا.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (٩٨)﴾.

يخبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وهي الأعمال التي


(١) أخرجه الطبراني من طريق سفيان به (المعجم الكبير ٩/ ١٠٧). قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/ ٧٩).
(٢) في سنده شيخ غالب مبهم، أخرجه الطبري من طريق قتادة عن كعب، وسنده منقطع لأن قتادة لم يسمع من كعب، وكعب معروف برواية الإسرائيليات.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٣٩٥)، وسنده صحيح.
(٤) صحيح البخاري، الأدب، باب الصبر في الأدب (ح ٦٠٩٩)، وصحيح مسلم، صفات المنافقين، باب لا أحد أصبر على أذى من الله ﷿ (ح ٢٨٠٤).