للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)﴾ فلما سمع أصحابه بذلك حثوا المطي (١)، وعرفوا أنه عند قول يقوله، فلما تأشبوا (٢) حوله قال: "أتدرون أي يوم ذاك؟ ذاك يوم ينادي آدم فيناديه ربه ﷿، فيقول: يا آدم ابعث بعثك إلى النار، فيقول: يا رب وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة" قال: فأبلس أصحابه حتى ما أوضحوا بضاحكة (٣)، فلما رأى ذلك قال: "أبشروا واعملوا، فوالذي نفس محمد بيده إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج، ومن هلك من بني آدم وبني إبليس" قال: فسُّري عنهم، ثم قال: " [اعملوا وأبشروا] (٤)، فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو الرقمة في ذراع الدابة" (٥).

وهكذا رواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننيهما عن محمد بن بشار، عن يحيى - وهو: القطان -، عن هشام - وهو: الدستوائي -، عن قتادة، به بنحوه، وقال الترمذي: حسن صحيح (٦).

(طريق آخر): لهذا الحديث: قال الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا ابن جدعان، عن الحسن، عن عمران بن حصين: أن النبي قال لما نزلت: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ قال: نزلت عليه هذه الآية وهو في سفر، فقال: "أتدرون أي يوم ذلك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذلك يوم يقول الله لآدم: ابعث بعث النار، قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة" فأنشأ المسلمون يبكون، فقال رسول الله : "قاربوا وسددوا، فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية، قال: فيؤخذ العدد من الجاهلية، فإن تمّت، وإلا كملت من المنافقين، وما مثلكم ومثل الأمم إلا كمثل الرقمة (٧) في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير" ثم قال: "إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبروا ثم قال: "إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فكبروا ثم قال: "إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، فكبروا، ثم قال: ولا أدري قال: الثلثين أم لا؟ (٨).

وكذا رواه الإمام أحمد، عن سفيان بن عيينة به (٩). ثم قال الترمذي أيضًا: هذا حديث حسن صحيح. [وقد روي من غير وجه عن الحسن عن عمران بن حصين] (١٠).

وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن والعلاء بن


(١) أي: الدواب.
(٢) أي: تدانوا وتضامُّوا.
(٣) بضاحكة واحدة الضواحك وهي أربعة، وسُميت ضواحك لأنها تظهر عند الضحك.
(٤) كذا في (حم) والمسند، وفي الأصل: "أبشروا واعلموا".
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصحح سنده محققوه (المسند ٣٣/ ١٣٤، ١٣٥ ح ١٩٩٠١).
(٦) سنن الترمذي، تفسير القرآن، باب ومن سورة الحج (ح ٣١٦٩)، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب سورة الحج (ح ١١٣٤٠).
(٧) الرقمة: الهنَة الناتئة في ذراع الدابة من داخل (النهاية ٢/ ٢٥٤).
(٨) المصدر السابق (ح ٣١٦٨).
(٩) المسند ٤/ ٤٣٢.
(١٠) كذا في (حم)، وفي الأصل: "وقد روي عن عروبة عن الحسن عن عمران بن الحصين".