للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جئت" (١). وفي المسند وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه في حديث الكسوف: "إن الشمس والقمر خلقان من خلق الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله ﷿ إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له" (٢).

وقال أبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجدًا حين يغيب، ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه (٣).

وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشمائل.

وعن ابن عباس قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللَّهم اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، قال ابن عباس: فقرأ رسول الله سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة. رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه (٤).

وقوله: ﴿وَالدَّوَابُّ﴾ أي: الحيوانات كلها، وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد: أن رسول الله ، نهى عن اتخاذ ظهور الدواب منابر، فرُبَّ مركوبة خير وأكثر ذكرًا لله تعالى من راكبها (٥).

وقوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ﴾ أي: يسجد لله طوعًا مختارًا متعبدًّا بذلك ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ أي: ممن امتنع وأبى واستكبر ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن شيبان الرملي، حدثنا القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي قال: قيل لعلي: إن ههنا رجلًا يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله كما يشاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء. قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء. قال: فيدخلك حيث شئت أو حيث شاء؟ قال: بل حيث يشاء. قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف (٦).


(١) صحيح البخاري، بدء الخلق، باب صفة الشمس والقمر (ح ٣١٩٩)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان (ح ١٥٩).
(٢) المسند ٤/ ٢٦٧، وسنن أبي داود، الصلاة، باب صلاة الكسوف (ح ١١٧٧)، وسنن النسائي، الكسوف ٣/ ١٤١، وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، باب ما جاء في صلاة الكسوف (ح ١٢٦٢)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ١٠٤٤).
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عوف، وهو الأعرابي، عن أبي العالية.
(٤) سنن الترمذي، الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن (ح ٥٧٩)، وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، باب سجود القرآن (ح ١٠٥٢)، والإحسان ٦/ ٤٧٣ ح ٢٧٦٨، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٨٦٥).
(٥) أخرجه الإمام أحمد من حديث معاذ بن أنس عن أبيه (المسند ٣/ ٤٣٩)، وسنده ضعيف لضعف زبان، وكذلك ابن لهيعة فيه مقال.
(٦) سنده ضعيف للانقطاع بين والد جعفر، وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فإنه لم يسمع من علي .