ناصره لا محالة، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)﴾ [غافر]، ولهذا قال: ﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾.
قال السدي: يعني: من شأن محمد ﷺ.
وقال عطاء الخراساني فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ.
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ﴾ أي: القرآن ﴿آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ أي: واضحات في لفظها ومعناها، حجة من الله على الناس، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ﴾ أي: يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وله الحكمة التامة والحجة القاطعة في ذلك ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)﴾ [الأنبياء] أما هو فلحكمته ورحمته وعدله وعلمه وقهره وعظمته لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب.
يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين ومن سواهم من اليهود والصابئين، وقد قدمنا في سورة البقرة التعريف بهم واختلاف الناس فيهم، والنصارى والمجوس والذين أشركوا فعبدوا غير الله معه، فإنه تعالى: ﴿يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به النار، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تكنّ ضمائرهم.
يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له، فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعًا وكرهًا، وسجود كل شيء مما يختص به، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨)﴾ [النحل] وقال ههنا: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: من الملائكة في أقطار السماوات، والحيوانات في جميع الجهات من الإنس والجن والدواب والطير ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤].
وقوله: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ﴾ إنما ذكر هذه على التنصيص؛ لأنها قد عُبدت من دون الله فبين أنها تسجد لخالقها وأنها مربوبة مسخرة ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)﴾ [فصلت]، وفي الصحيحين عن أبي ذرٍّ ﵁ قال: قال لي رسول الله ﷺ: "أتدري أين تذهب هذه الشمس؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث