للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ أهل مكة وغيرهم فيه سواء في المنازل (١)، وكذا قال أبو صالح وعبد الرحمن بن سابط وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٢).

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: سواء فيه أهله وغير أهله (٣).

وهذه المسألة اختلف فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف، وأحمد بن حنبل حاضر أيضًا، فذهب الشافعي إلى أن رِباع مكة تُملَّك وتورَّث وتؤجَّر، واحتج بحديث الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله أتنزل غدًا في دارك بمكة؟ فقال: "وهل ترك لنا عقيل من رِباع؟ " ثم قال: "لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر"، وهذا الحديث مخرَّج في الصحيحين (٤)، وبما ثبت أن عمر بن الخطاب اشترى من صفوان بن أمية دارًا بمكة، فجعلها سجنًا، بأربعة آلاف درهم (٥)، وبه قال طاوس وعمرو بن دينار (٦)، وذهب إسحاق بن راهويه إلى أنها لا تورث ولا تؤجر، وهو مذهب طائفة من السلف، ونصَّ عليه مجاهد وعطاء، واحتج إسحاق بن راهويه بما رواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن عثمان بن أبي سليمان، عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله وأبو بكر وعمر وما تدعي رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن (٧).

وقال عبد الرزاق، عن ابن مجاهد، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها (٨).

وقال أيضًا، عن ابن جريج: كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم، وأخبرني أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن تبويب دور مكة؛ لأن ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوب داره سهيل بن عمرو، فأرسل إليه عمر بن الخطاب في ذلك، فقال: أنظرني يا أمير المؤمنين إني كنت امرأ تاجرًا، فأردت أن أتخذ بابين يحبسان لي ظهري، قال: فذلك إذًا (٩).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بمعناه.
(٢) قول أبو صالح أخرجه الطبري بسند فيه مجهول عن أبي صالح، ويتقوى بسابقه ولاحقه، وقول عبد الرحمن بن سابط أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه، ولكنه مرسل ويتقوى برواية ابن عباس ومجاهد، وقول عبد الرحمن بن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه لكنه معضل ويتقوى كسابقه.
(٣) أخرجه عبد الرزاق عن معمر به، وسنده صحيح.
(٤) صحيح البخاري، المغازي، باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح؟ (ح ٤٢٨٢) وصحيح مسلم، الفرائض (ح ١٦١٤).
(٥) أخرجه عبد الرزاق من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار … فذكر القصة (المصنف ٥/ ١٤٧، ١٤٨ رقم ٩٢١٣)، وقد ثبت ذلك كما قرره الحافظ ابن كثير.
(٦) تقدم أثر عمرو بن دينار، كما في سابقه.
(٧) أخرجه ابن ماجه بسنده ومتنه (السنن، المناسك، باب أجر بيوت مكة ح ٣١٠٧)، وفي سنده علقمة بن نضلة: مقبول، كما في التقريب.
(٨) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه (المصنف ٥/ ١٤٨ رقم ٩٢١٤) وسنده ضعيف لضعف ابن مجاهد وهو عبد الوهاب.
(٩) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه (المصنف ٥/ ١٤٦، ١٤٧ رقم ٩٢١٠) وسنده صحيح.