للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجهها، قال: فغرَّب العبد وجزَّ رأسه، وقال: أنتِ بعده حرام على كل مسلم (١). هذا أثر غريب منقطع، ذكره ابن جرير في تفسير أول سورة المائدة، وهو ههنا أليق، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها، والله أعلم.

وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)﴾، وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور، حيث قال: حدثني علي بن ثابت الجزري، عن مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس بن مالك، عن النبي قال: "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا، ومن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره" هذا حديث غريب، وإسناده فيه مَن لا يعرف لجهالته (٢)، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)﴾ أي: إذا اؤتمنوا لم يخونوا؛ بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك لا كصفات المنافقين الذي قال فيهم رسول الله : "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" (٣).

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩)﴾ أي: يواظبون عليها في مواقيتها، كما قال ابن مسعود: سألت رسول الله فقلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين". قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". أخرجاه في الصحيحين (٤). وفي مستدرك الحاكم قال: "الصلاة في أول وقتها" (٥).

وقال ابن مسعود ومسروق في قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩)﴾: يعني في مواقيت الصلاة (٦)، وكذا قال أبو الضحى وعلقمة بن قيس وسعيد بن جبير وعكرمة (٧).

وقال قتادة: على مواقيتها وركوعها وسجودها (٨).

وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة، واختتمها بالصلاة فدلَّ على أفضليتها كما


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه في سورة المائدة آية (٥) ٩/ ٥٨٦ رقم ١١٢٧٧، وسنده ضعيف بسبب الانقطاع الذي أشار إليه الحافظ ابن كثير، وذلك أن قتادة لم يسمع من عمر .
(٢) وهو مسلمة بن جعفر وحسان بن حميد، كما صرح الذهبي في ميزان الاعتدال، فسنده ضعيف.
(٣) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٧٧.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ٨٣.
(٥) أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ١٨٨).
(٦) قول ابن مسعود عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وقول مسروق أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي الضحى، وهو مسلم بن صُبيح، عن ابن مسعود.
(٧) قول أبي الضحى أخرجه الطبري بسند صحيح عن الأعمش عنه.
(٨) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.