للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختاره ابن جرير (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا موسى يعني ابن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري في الآية ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ قال: حرامًا محرمًا أن يبشر بما يبشر به المتقون (٢). وقد حكى ابن جُرير عن ابن جُريج أنه قال ذلك من كلام المشركين ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ﴾؛ أي: يتعوذون من الملائكة (٣)، وذلك أن العرب كانوا إذا نزل بأحدهم نازلة أو شدة يقول: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ وهذا القول وإن كان له مأخذ ووجه، ولكنه بالنسبة إلى السياق بعيد لا سيما وقد نصَّ الجمهور على خلافه، ولكن قد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾؛ أي: عوذًا معاذًا (٤). فيحتمل أنه أراد ما ذكره ابن جريج، ولكن في رواية ابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ عوذًا معاذًا الملائكة تقول ذلك، فالله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ﴾ الآية، هذا يوم القيامة حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من الخير والشر، فأخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم شيء، وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي إما الإخلاص فيها وإما المتابعة لشرع الله. فكل عمل لا يكون خالصًا وعلى الشريعة المرضية فهو باطل، فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعهما معًا فتكون أبعد من القبول حينئذٍ، ولهذا قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)﴾ قال مجاهد والثوري ﴿وَقَدِمْنَا﴾؛ أي: عمدنا (٥)، وكذا قال السدي: وبعضهم يقول: أتينا عليه (٦).

وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي في قوله: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال: شعاع الشمس إذا دخل الكوة (٧)، وكذا روي من غير هذا الوجه عن علي وروي مثله عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي والضحاك وغيرهم (٨)، وكذا قال الحسن البصري: هو الشعاع في كوة أحدهم، ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع (٩).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال: هو الماء المهراق (١٠).


(١) قول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق فطر الحناط عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر، وقول عطية العوفي أخرجه ابن أبي حاتم ضمن الرواية التالية.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف عطية العوفي.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد، وهو لم يسمع من مجاهد.
(٤) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح به.
(٥) قول مجاهد تخريجه كسابقه، وقول الثوري ذكره ابن أبي حاتم محذوف السند.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عن السدي.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الثوري به، وسنده ضعيف لضعف الحارث وهو الأعور الهمداني كما في التقريب، وقد تابعه عقيل الجزري في رواية ابن أبي حاتم أيضًا. ومعناه صحيح، لأن الهباء يظهر في شعاع الشمس من الفتحة الضيقة، ويشهد له الآثار التالية.
(٨) ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند، وقول ابن عباس أخرجه البستي بسند جيد من طريق أربدة التميمي عنه، وقول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول عكرمة أخرجه الطبري بسند جيد من طريق سماك عنه.
(٩) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أبي رجاء عن الحسن.
(١٠) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.