للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأصل الصلاة في كلام العرب: الدعاء؛ قال الأعشى (١):

لها حارس لا يبرح الدهر بيتها … وإن ذبحت صلى عليها وزمزما

وقال أيضًا (١):

وقابلها الريح في دنها … وصلى على دنِّها وارتسم (٢)

أنشدهما ابن جرير مستشهدًا على ذلك.

وقال الآخر، وهو الأعشى أيضًا (١):

تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا … يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا

عليك مثل الذي صليت فاغتمضى … نومًا فإن لجنب المرء مضطجعا

يقول: عليك من الدعاء مثل الذي دعيته لي. وهذا ظاهر.

ثم استعملت الصلاة في الشرع في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة، بشروطها المعروفة، وصفاتها وأنواعها المشهورة.

قال ابن جرير (٣): (وأرى) (٤) أن الصلاة (المفروضة) (٥) سميت صلاة لأن المصلي يتعرض لاستنجاح طلبته من ثواب الله بعمله مع ما يسأل ربه (فيها) (٦) من حاجته (٧).

[وقيل: هي مشتقة من الصلوين إذا تحركا في الصلاة عند الركوع والسجود، وهما عرقان (يمتدان) (٨) من الظهر حتَّى يكتنفا عجب الذنب. ومنه سمي المصلي، وهو (التالي) (٩) للسابق في حلبة الخيل. وفيه نظر.

وقيل: هي مشتقة من "الصِلي"، وهو الملازمة للشيء، من قوله تعالى: ﴿لَا يَصْلَاهَا﴾ [الليل: ١٥] أي: لا يلزمها ويدوم فيها، ﴿إِلَّا الْأَشْقَى﴾ [الليل: ١٥].

وقيل: مشتقة من تصلية الخشبة في النار لتقوَّم، كما أن المصلي يقوِّم عوجه بالصلاة: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: ٤٥]. واشتقاقها من الدعاء أصح وأشهر. واللّه أعلم] (١٠).

وأما الزكاة فسيأتي الكلام عليها في موضعه إن شاء الله (تعالى) (١١).


(١) هو في "ديوانه" (ص ٢٩٣) و (ص ٣٥) و (ص ١٠١).
(٢) في حاشية (ج): "ارتسم؛ أي: كبر ودعا لها. قالها الجوهري".
(٣) في "تفسيره" (١/ ٢٤٣ - شاكر).
(٤) في (ن): "وروى" وأشار في الحاشية أنه وقع في نسخة: "أرى".
(٥) ساقط من (ن).
(٦) ساقط من (ز) و (ن) وهو الموافق لما في "تفسير ابن جرير".
(٧) عند "ابن جرير" بعدها: "تعرض الداعي بدعائه ربه استنجاح حاجته وسؤله".
(٨) في (ج) و (ل): "ممتدان".
(٩) في (ج): "الثاني".
(١٠) ساقط من (ز).
(١١) من (ن).