للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ركوعها وسجودها، وتلاوة القرآن فيها، والتشهد والصلاة على النَّبِيّ ؛ فهذا إقامتها.

وقال علي بن أبي (١) طلحة وغيره (٢)، عن ابن عباس: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ قال: زكاة أموالهم.

وقال السدي (٣)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مرة، عن ابن مسعود؛ وعن أناس من أصحاب رسول الله : ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ قال: نفقة الرجل على أهله. وهذا قبل أن تنزل الزكاة.

وقال جويبر (٤)، عن الضحاك: كانت النفقات (قربات) (٥) يتقربون بها إلى الله على قدر ميسرتهم وجهدهم، حتَّى نزلت فرائض الصدقات: سبع آيات في سورة براءة مما يذكر فيهن الصدقات هن الناسخات المثبتات.

وقال قتادة (٦): ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ فأنفقوا مما أعطاكم الله، هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم يوشك أن تفارقها.

واختار ابن جرير (٧) أن الآية عامة في الزكاة والنفقات؛ فإنه قال: وأولى التأويلات وأحقها بصفة القوم أن يكونوا لجميع اللازم لهم في أموالهم مؤدين - زكاةً (كان) (٨) ذلك، أو نفقة من لزمته نفقته، من أهل (و) (٩) عيال وغيرهم ممن يجب عليهم نفقته بالقرابة والملك، وغير ذلك؛ لأن الله تعالى عم وصفهم، ومدحهم بذلك. وكل من الإنفاق والزكاة ممدوح به محمود عليه.

قلت: كثيرًا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال؛ فإن الصلاة حق الله وعبادته، وهي مشتملة على توحيده، والثناء عليه، وتمجيده والابتهال إليه، ودعائه والتوكل عليه. والإنفاق: هو من الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم، وأولى الناس بذلك القرابات والأهلون والمماليك، ثم الأجانب؛ فكل من النفقات الواجبة، والزكاة المفروضة، داخل في قوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.

ولهذا ثبت في "الصحيحين" (١٠)، عن ابن عمر () (١١): أن رسول الله قال: "بني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت".

والأحاديث في هذا كثيرة.


(١) أخرجه ابن جرير (٢٨٦) [وسنده ثابت].
(٢) أخرجه ابن إسحاق، ومن طريقه الطبري (٢٨٥)؛ وابن أبي حاتم (٧٧) قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه، [وسنده حسن].
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٨٨) وهو حسن، وأخرجه ابن أبي حاتم (٧٨) من قول السدي.
[وسنده ضعيف لخلط السدي بين الأسانيد].
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٨٧) وجويبر تالف.
(٥) كذا في (ز)، وفي سائر "الأصول": "قرباتًا"!!
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٧٩) من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. وسنده صحيح.
(٧) في "تفسيره" (١/ ٢٤٤ - شاكر).
(٨) في (ن): "كانت"، وسقط اللفظ من (ل).
(٩) في (ز) و (ن): "أو".
(١٠) أخرجه البخاري (١/ ٤٩)؛ ومسلم (٢٢/ ١٦).
(١١) من (ن).