للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ يعني: قالوا سدادًا (١).

وقال سعيد بن جبير: ردوا معروفًا من القول (٢).

وقال الحسن البصري: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ حلماء لا يجهلون إن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم بما يسمعون، ثم ذكر أن ليلهم خير ليل (٣)، فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤)﴾؛ أي: في طاعته وعبادته، كما قال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)[الذاريات]، وقال: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)[السجدة]، وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٩]، ولهذا قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥)﴾؛ أي: ملازمًا دائمًا، كما قال الشاعر:

إن يعذب يكن غرامًا … وإن يُعط جزيلًا، فإنه لا يبالي (٤)

ولهذا قال الحسن في قوله: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه، فليس بغرام، وإنما الغرام الملازم مادامت السموات والأرض (٥)، وكذا قال سليمان التيمي (٦).

وقال محمد بن كعب: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ يعني: ما نعموا في الدنيا، إن الله تعالى سأل الكفار عن النعمة فلم يردوها إليه، فأغرمهم فأدخلهم النار (٧).

﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦)﴾؛ أي: بئس المنزل منظرًا، وبئس المقيل مقامًا.

وقال ابن أبي حاتم عند قوله: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦)﴾ حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: إذا طرح الرجل في النار هوى فيها، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل له: مكانك حتى تتحف، قال: فيسقى كأسًا من سمِّ الأساود (٨) والعقارب، قال: فيميز (٩) الجلد على حِدة، والشعر على حِدة، والعصب على حِدة، والعروق على حِدة (١٠).

وقال أيضًا: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن


= رجاله رجال الصحيح غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة (مجمع الزوائد ٨/ ٧٥).
(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن.
(٤) استشهد به الطبري ونسبه إلى الأعشى.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند حسن من طريق جعفر بن سليمان عن سليمان التيمي.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب، وموسى ضعيف كما في التقريب.
(٨) الأساود: جمع أسود وهو أخبث الحيات وأعظمها (ينظر الصحاح ٢/ ٤٩١).
(٩) أي: يعزل (الصحاح ٣/ ٨٩٧).
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح ولكنه مرسل.