للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضًا: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا سليمان بن موسى الزهري أبو داود، حدثنا أبو العنبس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: ليأتين الله ﷿ بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات، قيل: من هم يا أبا هريرة؟ قال: الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات (١).

وقال أيضًا: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، حدثنا أبو حمزة، عن أبي الضيف -قلت: وكان من أصحاب معاذ بن جبل- قال يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم أصحاب اليمين قلت: لم سُمُّوا أصحاب اليمين؟ قال: لأنهم قد عملوا الحسنات والسيئات، فأعطوا كتبهم بأيمانهم فقرؤوا سيئاتهم حرفًا حرفاَ، وقالوا: يا ربنا هذه سيئاتنا، فأين حسناتنا؟ فعند ذلك محا الله السيئات وجعلها حسنات، فعند ذلك قالوا: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩] فهم أكثر أهل الجنة (٢).

وقال علي بن الحسين زين العابدين ﴿يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ قال: في الآخرة (٣).

وقال مكحول: يغفرها لهم فيجعلها حسنات (٤)، رواهما ابن أبي حاتم.

وروى ابن جرير عن سعيد بن المسيب مثله (٥).

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو جابر، أنه سمع مكحولًا لا يحدث قال: جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه، فقال: يا رسول الله، رجل غدر وفجر ولم يدع حاجة ولا داجة (٦) إلا اقتطفها بيمينه، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل له من توبة؟ فقال له رسول الله : "أأسلمت؟ " فقال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، فقال النبي: "فإن الله غافر لك ما كنت كذلك، ومبدل سيئاتك حسنات" فقال: يا رسول الله وغدراتي وفجراتي؟ فقال: "وغدراتك وفجراتك" فولّى الرجل يهلّل ويُكبر (٧).

وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة، عن صفوان بن عمر، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فروة شطب (٨) أنه أتى رسول الله ، فقال: أرأيت رجلًا عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة، فهل له من توبة؟ فقال: "أسلمت؟ " فقال: نعم، قال: "فافعل الخيرات واترك السيئات، فيجعلها الله لك خيرات كلها" قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: "نعم" فمازال يُكبِّر


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن سليمان بن موسى الزهري فيه لين كما في التقريب ويشهد له ما سبق من الروايات.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وأبو الضيف لم أعرف من هو.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق علي بن زيد عن علي بن الحسين، وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، ويشهد له ما سبق.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن عبد العزيز عن مكحول.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب، ويشهد له ما سبق.
(٦) أي: الكبيرة.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، ورجاله ثقات، والشيخ الكبير هو شطب المحدود أبو الطويل، كما سيأتي في الرواية التالية، قال الحافظ ابن حجر: هو على شرط الصحيح (الإصابة ٢/ ١٥٢).
(٨) في الأصل غير منقوط.