للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتى توارى (١).

ورواه الطبراني من طريق أبي فروة الرهاوي عن ياسين الزيات، عن أبي سلمة الحمصي، عن يحيى بن جابر، عن سلمة بن نفيل مرفوعًا (٢).

وقال أيضًا (٣): حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عيسى بن شعيب بن ثوبان، عن فُليح الشماس، عن عُبيد بن أبي عُبيد، عن أبي هريرة قال: جاءتني امرأة فقالت: هل لي من توبة؟ إني زنيت، وولدت وقتلته، فقلت: لا، ولا نعمت العين ولا كرامة، فقامت وهي تدعو بالحسرة، ثم صلَّيت مع النبي الصبح، فقصصت عليه ما قالت المرأة وما قلت لها، فقال رسول الله : "بئسما قلت، أما تقرأ هذه الآية؟ " ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)﴾، فقرأتها عليها، فخرت ساجدة وقالت: الحمد الله الذي جعل لي مخرجًا (٤).

هذا حديث غريب من هذا الوجه، وفي رجاله من لا يعرف، والله أعلم. وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي بسنده بنحوه، وعنده: فخرجت تدعو بالحسرة وتقول: يا حسرتا أخلق هذا الحسن للنار؟ وعنده أنه لما رجع من عند رسول الله ، تطلّبها في جميع دور المدينة فلم يجدها، فلما كان من الليلة المقبلة جاءته، فأخبرها بما قال له رسول الله ، فخرت ساجدة وقالت: الحمد لله الذي جعل لي مخرجًا وتوبة مما عملت، وأعتقت جارية كانت معها وابنتها، وتابت إلى الله ﷿ (٥).

ثم قال تعالى مخبرًا عن عموم رحمته بعباده، وأنه من تاب إليه منهم تاب عليه من أي ذنب كان جليلًا أو حقيرًا، كبيرًا أو صغيرًا، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١)﴾؛ أي: فإن الله يقبل توبته، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)[النساء]، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)[التوبة]، وقال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)[الزمر]. أي: لمن تاب إليه.

﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾.

وهذه أيضًا من صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور، قيل: هو الشرك وعبادة الأصنام، وقيل: الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل.


(١) أخرجه الطبراني من طريق المغيرة به، (المعجم الكبير ٧/ ٣١٤ ح ٧٢٣٥)، ويشهد له سابقه.
(٢) المعجم الكبير ٧/ ٥٣، ويشهد له ما سبق.
(٣) أي: ابن أبي حاتم القائل.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده عيسى بن شعيب فيه لين، وعبيد بن أبي عبيد مقبول كما في التقريب.
(٥) أخرجه الطبري، وسنده كسابقه.