للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنها حولًا، كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)[هود].

وقوله تعالى: ﴿حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾؛ أي: حَسُنت منظرًا وطابت مقيلًا ومنزلًا، ثم قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي﴾؛ أي: لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بُكرة وأصيلًا.

قال مجاهد وعمرو بن شعيب ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي﴾ يقول: ما يفعل بكم ربي (١).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ يقول: لولا إيمانكم. وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبَّب إليهم الإيمان كما حبَّبه إلى المؤمنين (٢).

وقوله تعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ أيها الكافرون ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾؛ أي: فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم، يعني مقتضيًا لعذابكم وهلاككم ودماركم في الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك يوم بدر، كما فسره بذلك عبد الله بن مسعود وأُبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم (٣).

وقال الحسن البصري: ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ أي: يوم القيامة (٤)، ولا منافاة بينهما، والله أعلم.


(١) قول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول عمرو بن شعيب أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أبي يعلى عنه.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند إلا خبر السدي أخرجه بسند حسن من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك، وأما قول ابن مسعود فقد أخرجه النسائي بسند صحيح من طريق مسروق عنه (السنن الكبرى، التفسير) وقول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق قتادة عن الحسن.