للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بُردة، عن أبي موسى - أن رسول الله قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وآمن بي. ورجل مملوك أدى حق الله وحق مواليه. ورجل أدب جاريته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها".

وأما ابن جرير (١) فما استشهد على صحة ما قال إلا بمناسبة، وهي أن الله (تعالى) (٢) وصف في أول هذه السورة المؤمنين والكافرين، فكما أنه صنف الكافرين إلى صنفين: (منافق، وكافر) (٣)، فكذلك المؤمنون صنفهم إلى صنفين: عربي، وكتابي.

قلت: والظاهر قول مجاهد فيما رواه الثوري (٤)، عن رجل، عن مجاهد. ورواه غير (٥) واحد عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - أنه قال: أربع آيات من (أول) (٦) سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، (وثلاث عشرة) (٧) في المنافقين؛ فهذه الآيات الأربع عامات في كل مؤمن اتصف بها من عربي وعجمي وكتابي من إنسي وجني، وليس تصح واحدة من هذه الصفات بدون الأخرى؛ بل كل واحدة مستلزمة للأخرى، وشرط معها؛ فلا يصح الإيمان بالغيب، وإقام الصلاة والزكاة إلا مع الإيمان بما جاء به الرسول () (٨)، وما جاء به من قبله من الرسل (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) (٩) والإيقان بالآخرة؛ كما أن هذا لا يصح إلا (بهذاك) (١٠).

وقد أمر الله المؤمنين بذلك، كما قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ الآية [النساء: ١٣٦] وقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ … ﴾ الآية [العنكبوت: ٤٦] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾ [النساء: ٤٧] وقال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [المائدة: ٦٨].

وأخبر تعالى عن المؤمنين كلهم بذلك؛ فقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥] وقال (تعالى) (١١): ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ١٥٢] إلى غير ذلك من


= وصحيح مسلم، الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ح ١٥٤)].
(١) في "تفسيره" (١/ ٢٤٨، ٢٤٩).
(٢) من (خ) و (ز) و (ع) و (ك) و (ل) و (ص) و (ي).
(٣) في (ن): "كافر ومنافق".
(٤) أخرجه ابن جرير (٣١٦) من طريق سفيان بن وكيع قال: ثنا أبي، عن الثوري.
(٥) مثل عيسى بن ميمون، وشبل بن عباد المكي. أخرج ذلك ابن جرير (٣١٤، ٣١٥) وهو صحيح الإسناد، وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ٢٣) للفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر.
(٦) زيادة من (ن).
(٧) في (ن): "ثلاثة عشر"!
(٨) من (ز) و (ن) و (هـ).
(٩) من (ن).
(١٠) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (هـ) و (ي)؛ وفي (ز) و (ن): "بذاك"، وفي (ل): "بذلك".
(١١) يعني: "صحيح البخاري" ولكن المصنف وهم في عزوه هذا اللفظ إلى البخاري، فليس عنده "إذا حدثكم أهل الكتاب" وكأن المصنف كتب الحديث من حفظه فلفقه من حديثين كما يأتي وإنما الذي عند =