للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسلم وغيرهما (١).

وقال عكرمة: كان الشاعران يتهاجيان فينتصر لهذا فئام من الناس، ولهذا فئام من الناس، فأنزل الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)(٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ليث، عن ابن الهاد، عن يُحَنَّس مولى مصعب بن الزبير، عن أبي سعيد قال: بينما نحن نسير مع رسول الله بالعرج إذ عرض شاعر ينشد، فقال النبي : "خذوا الشيطان، أو أمسكوا الشيطان، لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا" (٣).

وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥)﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: في كل لغو يخوضون (٤).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: في كل فن من الكلام (٥)، وكذا قال مجاهد وغيره (٦).

وقال الحسن البصري: قد والله رأينا أوديتهم التي يهيمون فيها مرة في شتمه فلان، ومرة في مدحه فلان (٧). وقال قتادة: الشاعر يمدح قومًا بباطل ويذم قومًا بباطل (٨).

وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)﴾ قال العوفي، عن ابن عباس: أن رجلان على عهد رسول الله أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وإنهما تهاجيا، فكان مع كل واحد منهما غواة من قومه، وهم السفهاء، فقال الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)(٩).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه (١٠). وهذا الذي قاله ابن عباس هو الواقع في نفس الأمر. فإن الشعراء يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم، فيتكثرون بما ليس لهم، ولهذا اختلف العلماء : فيما إذا اعترف الشاعر في شعره بما يوجب حدًا: هل يقام عليه بهذا الاعتراف أم لا؟ لأنهم يقولون ما لا يفعلون، على قولين.


(١) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه بلفظ: "الشياطين"، وقول عبد الرحمن أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه بلفظ: "المشركون".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة بلفظ قال الله ﷿، بدلًا من قوله: فأنزل الله تعالى.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٧/ ١١١ - ١١٠٥٧)، وصحح سنده محققوه، وأخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد به، (الصحيح، كتاب الشعر ح ٢٢٥٩).
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن الضحاك به وهو لم يلق ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق ليث بن كيسان عن الحسن.
(٨) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٩) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عطية العوفي به.
(١٠) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة به.