للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أقاتل المسلمين؟ قال: "نعم" وذكر الثالثة (١)، ولهذا قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ قيل: معناه ذكروا الله كثيرًا في كلامهم، وقيل في شعرهم. كلاهما صحيح مكفِّر لما سبق.

وقوله تعالى: ﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ قال ابن عباس: يردُّون على الكفار الذين كانوا يهجون به المؤمنين (٢)، وكذا قال مجاهد وقتادة وغير واحد (٣)، وهذا كما ثبت في الصحيح أن رسول الله قال لحسان اهجهم -أو قال- "اهجهم وجبريل معك" (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه أنه قال للنبي : إن الله ﷿ قد أنزل في الشعراء ما أنزل، فقال: "إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده، لكأن ما ترمونهم به نضح النبل" (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)[غافر].

وفي "الصحيح" أن رسول الله قال: "إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" (٦).

قال قتادة بن دعامة في قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ يعني: من الشعراء وغيرهم (٧).

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا إياس بن أبي تميمة قال: حضرت الحسن ومرَّ عليه بجنازة نصراني، فقال: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.

وقال عبد الله بن رباح، عن صفوان بن محرز أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى، حتى أقول قد اندق قضيب زوره، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (٨).

وقال ابن وهب: أخبرنا شريح الإسكندراني عن بعض المشيخة أنهم كانوا بأرض الروم، فبينما هم ليلة على نار يشتوون عليها أو يصطلون، إذا بركاب قد أقبلوا فقاموا إليهم، فإذا فضالة بن عُبيد فيهم، فأنزلوه فجلس معهم، قال: وصاحب لنا قائم قال يصلي حتى مرَّ بهذه الآية ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ قال فضالة بن عبيد: هؤلاء الذين يخربون البيت (٩).


(١) أخرجه مسلم (الصحيح، الفضائل، باب من فضائل أبي سفيان بن حرب ح ٢٥٠١).
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) قول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم والطبري بسند صحيح من طريق علي بن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة.
(٤) أخرجه الشيخان من حديث البراء بن عازب ، (صحيح البخاري، الأدب، باب هجاء المشركين ح ٦١٥٣، وصحيح مسلم، فضائل الصحابة، فضائل حسان بن ثابت ح ٢٤٨٦).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٥/ ١٤٨ ح ٢٧١٧٤)، وصحح سنده محققوه.
(٦) أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله بنحوه (الصحيح، البر، باب تحريم الظلم ح ٢٥٧٨).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عاصم الأحول عن عبد الله بن رباح.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم معلقًا عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن ابن وهب به وسنده ضعيف للتعليق ولإبهام شيخ شريح الإسكندراني.