للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصبي، فقال ابن عباس، لولا أن يذهب هذا فيقول رددت على ابن عباس لما أجبته، ثم قال له: ويحك إنه إذا نزل القدر عمي البصر وذهب الحذر، فقال له نافع: والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبدًا (١).

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عبد الله البرزي من أهل برزة في غوطة دمشق، وكان من الصالحين يصوم الإثنين والخميس، وكان أعور قد بلغ الثمانين فروى ابن عساكر بسنده إلى أبي سليمان بن زيد أنه سأله عن سبب عوره، فامتنع عليه، فألَّح عليه شهورًا، فأخبره أن رجلين من أهل خراسان نزلا عنده جمعة في قرية برزة، وسألاه عن وادٍ بها فأريتهما إياه، فأخرجا مجامر وأوقدا فيها بخورًا كثيرًا حتى عجعج الوادي بالدخان، فأخذا يعزمان والحيات تقبل من كل مكان إليهما، فلا يلتفتان إلى شيء منها، حتى أقبلت حية نحو الذراع وعيناها تتوقدان مثل الدينار (٢)، فاستبشرا بها عظيمًا، وقالا الحمد لله الذي لم يخيب سفرنا من سنة، وكسرا المجامر، وأخذ الحية، فأدخلا في عينها ميلًا فاكتحلا به، فسألتهما أن يكحلاني فأبيا، فألححت عليهما وقلت: لابدّ من ذلك وتوعدتهما بالدولة، فكحلا عيني الواحدة اليمنى، فحين وقع في عيني نظرت إلى الأرض تحتي مثل المرآة أنظر ما تحتها كما ترى المرآة، ثم قالا لي: سر معنا قليلًا، فسرت معهما وهما يحدثاني حتى إذا بعدت عن القرية أخذاني فكتفَّاني (٣)، وأدخل أحدهما يده في عيني ففقأها ورمى بها ومضيا، فلم أزل كذلك ملقى مكتوفًا حتى مرَّ بي نفر ففك وثاقي، فهذا ما كان من خبر عيني.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن عمرو الغساني، حدثنا عباد بن ميسرة المنقري، عن الحسن قال: اسم هدهد سليمان عنبر (٤).

وقال محمد بن إسحاق: كان سليمان إذا غدا إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه تفقد الطير، وكان فيما يزعمون يأتيه نوب من كل صنف من الطير كل يوم طائر، فنظر فرأى من أصناف الطير كلِّها من حضره إلا الهدهد ﴿فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ أخطأه بصري من الطير، أم غاب فلم يحضر (٥).

وقوله: ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ قال الأعمش: عن المنهال بن عمرو، عن سعيد، عن ابن عباس: يعني نتف ريشه (٦).

وقال عبد الله بن شداد: نتف ريشه وتشميسه (٧)، وكذا قال غير واحد من السلف أنه نتف


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف فيه سعيد بن بشير، ولكنه توبع فقد أخرجه الحاكم من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٠٥، ٤٠٦).
(٢) لأنه من الذهب وفيه بريق.
(٣) أي: ربطوا يداه ببعضهما.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لجهالة صدقة بن عمرو كما في التقريب.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق، والرواية من الإسرائيليات.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق الأعمش به.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سفيان بن عيينة عن حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن شداد.