للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ريشه وتركه ملقى بأكله الذر والنمل (١).

وقوله: ﴿أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ﴾ يعني قتله ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ بعذر بيّن واضح، وقال سفيان بن عيينة وعبد الله بن شداد: قدم الهدهد قالت له الطير: ما خلفك؟ فقد نذر سليمان دمك، فقال: هل استثنى؟ قالوا: نعم. قال: ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١)﴾ قال: نجوت إذًا.

قال مجاهد: إنما دفع الله عنه ببرِّه بأمه (٢).

﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)﴾.

يقول تعالى: ﴿فَمَكَثَ﴾ الهدهد ﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾؛ أي: غاب زمانًا يسيرًا، ثم جاء فقال لسليمان: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾؛ أي: اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾؛ أي: بخبر صدق حق يقين، وسبأهم حمير وهم ملوك اليمن، ثم قال: ﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾ قال الحسن البصري: وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ.

وقال قتادة: كانت أمها جنية، وكان مؤخر قدميها مثل حافر الدابة من بيت مملكة (٣).

وقال زهير بن محمد: هي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، وأمها فارعة الجنية (٤).

وقال ابن جريج: بلقيس بنت ذي شرخ وأُمها: بلتعة (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا مسدد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كان مع صاحبة سليمان ألف قيل (٦)، تحت كل قيل مائة ألف مقاتل (٧).

وقال الأعمش: عن مجاهد كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيل تحت كل قيل مائة ألف مقاتل (٨).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾ كانت من بيت مملكة، وكان أولو مشورتها ثلاثمائة واثني عشر رجلًا، كل رجل منهم على عشرة آلاف


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند فيه ليث وهو ابن أبي سليم عن مجاهد، وليث فيه مقال.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، والخبر من الإسرائيليات.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق الوليد بن مسلم عن زهير، والخبر كسابقه.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سفيان عن ابن جريج، والخبر كسابقه.
(٦) هو الملك النافذ أو الوزير (ينظر ترتيب القاموس المحيط ٣/ ٧١٨).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن، والخبر من الإسرائيليات.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن نمير عن الأعمش به، وسنده صحيح.