للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رجل، وكانت بأرض يقال لها مأرب على ثلاثة أميال من صنعاء (١)، وهذا القول هو أقرب على أنه كثير على مملكة اليمن، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾؛ أي: من متاع الدنيا مما يحتاج إليه الملك المتمكن ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ يعني: سرير تجلس عليه عظيم هائل مزخرف بالذهب وأنواع الجواهر واللآلئ.

قال زهير بن محمد: كان من ذهب وصفحاته مرمولة بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعًا، وعرضه أربعون ذراعًا (٢).

وقال محمد بن إسحاق: كان من ذهب مفصَّص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، وكان إنما يخدمها النساء، ولها ستمائة امرأة تلي الخدمة.

قال علماء التاريخ: وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم، وكان فيه ثلاثمائة وستون طاقة من مشرقه ومثلها من مغربه، قد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة، وتغرب من مقابلتها فيسجدون لها صباحًا ومساءًا (٣)، ولهذا قال: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾؛ أي: عن طريق الحق ﴿فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾.

وقوله: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ معناه ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾؛ أي: لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده دون ما خلق من الكواكب وغيرها، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)[فصلت]، وقرأ بعض القراء "ألا يا اسجدوا لله" (٤) جعلها ألا الإستفتاحية، ويا للنداء، وحذف المنادى تقديره عنده ألا يا قوم اسجدوا لله.

وقوله: ﴿الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض (٥)، وكذا قال عكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد (٦).

وقال سعيد بن المسيب: الخبء الماء (٧)، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: [خبء] (٨) السموات والأرض ما جعل فيهما من الأرزاق، المطر من السماء والنبات من


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرزاق به وسنده صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق الوليد بن مسلم عن زهير.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق، وهذه الأخبار كلها إسرائيلية.
(٤) قراءة متواترة.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) قول عكرمة أخرجه ابن أبي حاتم بسند فيه حفص بن عمر العدني وهو ضعيف ويشهد له سابقه ولاحقه، وقول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول سعيد وقتادة ذكرهما ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي يزيد التيمي عن سعيد بن المسيب، وأبو يزيد لم أعرف من هو.
(٨) كذا في (ح) و (حم) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل صُحف إلى: "خبا".