للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: كانت الشجرة من شجر السَّمُر (١).

وقال عطاء بن السائب: لما قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ أسمع المرأةَ (٢)

﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)﴾.

لما رجعت المرأتان سريعًا بالغنم إلى أبيهما، أنكر حالهما بسبب مجيئهما سريعًا، فسألهما عن خبرهما، فقصتا عليه ما فعل موسى ، فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها، قال الله تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ أي: مشي الحرائر، كما روي عن أمير المؤمنين عمر أنه قال: كانت مستترة بكم درعها (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا [أبي] (٤)، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر : جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع من النساء دلَّاجة ولَّاجة خرَّاجة (٥). هذا إسناد صحيح.

قال الجوهري: السلفع من الرجال: الجسور، ومن النساء: الجارية السليطة، ومن النوق: الشديدة (٦).

﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ وهذا تأدب في العبارة لم تطلبه طلبًا مطلقًا لئلا يوهم ريبة، بل قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا؛ يعني: ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ﴾ أي: ذكر له ما كان من أمره وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من بلده ﴿قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ يقول: طِب نفسًا وقرّ عينًا، فقد خرجت من مملكتهم، فلا حكم لهم في بلادنا، ولهذا قال: ﴿نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل من هو؟ على أقوال:

أحدها: أنه شعيب النبي الذي أرسل إلى أهل مدين، وهذا هو المشهور عند كثير من العلماء، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد (٧)، ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق إسباط بن نصر عن السدي.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق إسماعيل بن علي عن عطاء بن السائب.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر .
(٤) زيادة من (ح) و (حم) وتفسير ابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح كما قرر الحافظ ابن كثير.
(٦) الصحاح للجوهري ص ١٢٣١.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق قرة بن خالد عن الحسن بلفظ: "يقولون شعيب وليس بشعيب".