للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عبد العزيز الأويسي، حدثنا مالك بن أنس أنه بلغه أن شعيبًا هو الذي قصَّ عليه موسى القصص (١). قال: ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

وقد روى الطبراني عن سلمة بن سعد الغزي أنه وفدَ على رسول الله فقال له: "مرحبًا بقوم شعيب وأختان (٢) موسى هُدِيت" (٣).

وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب (٤).

وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب.

وقال آخرون: كان شعيب قبل زمان موسى بمدة طويلة لأنه قال لقومه: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: ٨٩] وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل بنصِّ القرآن، وقد علم أنه كان بين الخليل وموسى مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد.

وما قيل: إن شعيبًا عاش مدة طويلة، إنما هو -والله أعلم- احتراز من هذا الإشكال، ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينصَّ على اسمه في القرآن ههنا، وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده، كما سنذكره قريبًا إن شاء الله، ثم من الموجود في كتب بني إسرائيل أن هذا الرجل اسمه: ثيرون (٥)، والله أعلم.

قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: ثيرون هو ابن أخي شعيب (٦).

وعن أبي حمزة، عن ابن عباس قال: الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين (٧)، رواه ابن جرير به، ثم قال: الصواب أن هذا لا يدرك إلا بخبر، ولا خبر تجب به الحُجَّة في ذلك (٨).

وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦)﴾ أي: قالت إحدى ابنتي هذا الرجل، قيل: هي التي ذهبت وراء موسى ، قالت لأبيها: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ أي: لرعية هذه الغنم.

قال عمر وابن عباس وشريح القاضي وأبو مالك وقتادة ومحمد بن إسحاق وغير واحد: لما قالت: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت له: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإني لما جئت معه تقدمت أمامه فقال لي: كوني من ورائي، فإذا اختلفت علي الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه (٩).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عبد العزيز الأويسي عن الإمام مالك.
(٢) أختان: كل ما كان من قِبل المرأة كأبيها وأخيها.
(٣) أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ٧/ ٥٥ ح ٦٣٦٤)، قال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم (مجمع الزوائد ح ٦٥٩٠).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عمرو بن مرة عن أبي عبيدة.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم كما في الرواية السابقة.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بالسند المتقدم دون ذكر ابن مسعود ، وكذا أخرجه الطبري.
(٧) أخرجه الطبري بسند فيه ابن وكيع وهو سفيان فيه مقال.
(٨) ذكره الطبري بنحوه.
(٩) قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عنه، وقول عمر أخرجه ابن =