للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله هو: ابن مسعود قال: أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حينِ تفرَّس في عمر، وصاحب يوسف حين قال: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾، وصاحبة موسى حين قالت: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ (١).

قال: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾ أي: طلب إليه هذا الرجل الشيخ الكبير أن يرعى غنمه ويزوجه إحدى ابنتيه هاتين.

قال شعيب الجبائي: وهما صفوريا وليا (٢).

وقال محمد بن إسحاق: صفورا وشرفا، ويقال: ليا (٣).

وقد استدل أصحاب أبي حنيفة بهذه الآية على صحة البيع فيما إذا قال بعتك أحد هذين العبدين بمائة، فقال: اشتريت، أنه يصح، والله أعلم.

وقوله: ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ أي: على أن ترعى غنمي ثماني سنين، فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك، وإلا ففي الثمان كفاية ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ أي: لا أشاقك ولا أؤذيك ولا أماريك، وقد استدلوا بهذه الآية الكريمة لمذهب الأوزاعي فيما إذا قال: بعتك هذا بعشرة نقدًا أو بعشرين نسيئة أنه يصح، ويختار المشتري بأيهما أخذه صح، وحمل الحديث المروي في سنن أبي داود: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما (٤) أو الربا" (٥) على هذا المذهب، وفي الاستدلال بهذه الآية وهذا الحديث على هذا المذهب نظر ليس هذا موضع بسطه لطوله، والله أعلم.

ثم قد استدل أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم في صحة استئجار الأجير بالطعمة والكسوة، بهذه الآية، واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في كتابه السنن حيث قال: باب استئجار الأجير على طعام بطنه، حدثنا محمد بن الحمصي، حدثنا بَقية بن الوليد، عن مسلمة بن علي، عن سعيد بن أبي أيوب، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح قال: سمعت عتبة بن [النُّدَّر] (٦) السُّلمي يقول: كنا عند رسول الله فقرأ طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال: "إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشر سنين على عِفَّة فرجه وطعام بطنه" (٧).


= أبي حاتم بسند صحيح من طريق عمرو بن ميمون عنه، وقول شريح أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق الحكم بن عتيبة عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق الحكم بن أبي عروبة عنه، وقول أبي مالك أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق حصين عنه، وقول ابن إسحاق أخرجه ابن أبى حاتم بسند حسن من طريق سلمة بن الفضل عنه.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو ابن داود ولقبه: سُنيد وهو ضعيف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق.
(٤) الوكس هو: هو النقص، ومعنى أوكسهما أي: أنقصهما.
(٥) أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة (السنن، البيوع، باب فيمن باع بيعتين ح ٣٤٦١)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٩٥٥).
(٦) كذا في سنن ابن ماجه وفي النسخ الخطية صحف إلى: "المنذر".
(٧) أخرجه ابن ماجه بسنده ومتنه (السنن، الرهون، باب إجارة الأجير على طعام بطنه ح ٢٤٤٤)، وسنده =