للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مدار هذا الحديث على عبد الله بن لهيعة المصري، وفي حفظه سوء، وأخشى أن يكون رفعه خطأ، والله أعلم.

وينبغي أن يروى ليس فيها فشوش ولا عزوز ولا ضبوب ولا ثعول ولا كميشة، لتذكر كل صفة ناقصة مع ما يقابلها من الصفات الناقصة.

وقد روى ابن جرير من كلام أنس بن مالك موقوفًا عليه ما يقارب بعضه بإِسناد جيد، فقال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، حدثنا قتادة، حدثنا أنس بن مالك ، قال: لما دعا نبي الله موسى صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما، قال له صاحبه: كل شاة ولدت على غير لونها، فلك ولدها، فعمد موسى فرفع حبالًا على الماء، فلما رأت الخيال فزعت، فجالت جولة، فولدن كلهنَّ بلقًا إلا شاة واحدة، فذهب بأولادهن كلهن ذلك العام (١).

﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢)﴾.

قد تقدم في تفسير الآية قبلها أن موسى قضى أتم الأجلين وأوفاهما وأبرهما وأكملهما وأتقاهما، وقد يستفاد هذا أيضًا من الآية الكريمة حيث قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ أي: الأكمل منهما، والله أعلم.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: قضى عشر سنين وبعدها عشرًا أخر (٢)، وهذا القول لم أره لغيره، وقد حكاه عنه ابن أبي حاتم وابن جرير، فالله أعلم.

وقوله: ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ قالوا: كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله، فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون وقومه، فتحمل بأهله وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره، فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة، فنزل منزلًا، فجعل كلما أورى زنده لا يضيء شيئًا، فتعجب من ذلك، فبينما هو كذلك ﴿آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ أي: رأى نارًا تضيء على بعد ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ أي: حتى أذهب إليها ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ﴾، وذلك لأنه قد أضلَّ الطريق ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ أي: قطعة منها ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ أي: تستدفئون بها من البرد،

قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ﴾ أي: من جانب الوادي مما يلي الجبل عن


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وجود سنده الحافظ ابن كثير، وأخرجه ابن عساكر من طريق معاذ بن هشام به (تاريخ دمشق ٦١/ ٤٠).
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح به.