للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: بينا لهم القول (١).

وقال قتادة: يقول تعالى: أخبرهم كيف صنع بمن مضى، وكيف هو صانع (٢) ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.

قال مجاهد وغيره: ﴿وَصَّلْنَا لَهُمُ﴾ يعني: قريشًا (٣)، وهذا هو الظاهر.

لكن قال حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة، رفاعة هذا هو ابن قرظة القرظي، وجعله ابن منده: رفاعة بن شموال خال صفية بنت حيي وهو الذي طلَّق تميمة بنت وهب التي تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير بن باطا، كذا ذكره ابن الأثير (٤) [قال: نزلت ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾ في عشرة أنا أحدهم، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديثه] (٥) (٦).

﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥)﴾.

يخبر تعالى عن العلماء الأولياء من أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالقرآن، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ١٩٩]، وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨)[الإسراء]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧)[الإسراء: ١٠٧] ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)[المائدة].

قال سعيد بن جبير: نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي، فلما قدموا على النبي قرأ عليهم: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)[يس] حتى ختمها، فجعلوا يبكون وأسلموا، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣)(٧) يعني: من قبل هذا القرآن كنا مسلمين، أي موحدين مخلصين لله مستجيبين له.

قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ أي: هؤلاء المتصفون بهذا الصفة الذين أمنوا بالكتاب الأول ثم الثاني، ولهذا مال ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ أي: على اتباع الحق، فإن تجشم مثل هذا شديد على النفوس.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عن السدي.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) ينظر أسد الغابة ٢/ ٢٢٨، ٢٣٢.
(٥) زيادة من (ح) و (حم).
(٦) أخرجه الطبري وابن حاتم كلاهما من طريق حماد بن سلمة به وسنده صحيح.
(٧) لم أجده عن سعيد بن جبير بهذا اللفظ، وعلى كل حال سنده ضعيف بسبب الإرسال.