للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ أي: تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار، أو بالنهار استدركه بالليل، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)[الفرقان]، والآيات في هذا كثيرة.

﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)﴾.

وهذا أيضًا نداء ثانٍ على سبيل التوبيخ والتقريع لمن عبد مع الله إلهًا آخر، يناديهم الرب تعالى على رؤوس الأشهاد فيقول: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أي: في دار الدنيا

﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾ قال مجاهد: يعني: رسولًا (١).

﴿فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ أي: على صحة ما ادعيتموه من أن لله شركاء ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ﴾ أي: لا إله غيره، فلم ينطقوا ولم يحيروا جوابًا ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي: ذهبوا فلم ينفعوهم.

﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)﴾.

قال الأعمش: عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ قال: كان ابن عمه (٢)، وهكذا قال إبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث بن نوفل وسماك بن حرب (٣)، وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج وغيرهم أنه كان ابن عمِّ موسى (٤).

قال ابن جريج: هو قارون بن يصهر بن قاهث وموسى بن عمران بن قاهث (٥).

وزعم محمد بن إسحاق بن يسار أن قارون كان عمّ موسى بن عمران .

قال ابن جريج: وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه (٦)، والله أعلم.


(١) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم من الطريق الأعمش به، وكذا أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٠٩).
(٣) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند، وقول إبراهيم النخعي أخرجه الطبري بخمسة أسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٤) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول مالك بن دينار أخرجه الطبري عنه بلاغًا.
(٥) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو ابن داود ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي: ضعيف.