للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة بن دعامة: كنا نحدث أنه كان ابن عمّ موسى، وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه البغي لكثرة ماله (١).

وقال شهر بن حوشب (٢): زاد في ثيابه شبرًا طولًا ترفعًا على قومه.

وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ﴾ أي: الأموال ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ أي: ليثقل حملها الفئام من الناس لكثرتها (٣).

قال الأعمش، عن خيثمة: كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود، كل مفتاح مثل الإصبع، كل مفتاح على خزانة على حدته، فإذا ركب حملت على ستين بغلًا أغرَّ محجلًا (٤)، وقيل: غير ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ أي: وعظه فيما هو فيه صالحو قومه، فقالوا على سبيل النصح والإرشاد: لا تفرح بما أنت فيه، يعنون لا تبطر بما أنت فيه من المال، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾.

قال ابن عباس: يعني: المرحين (٥).

وقال مجاهد: يعني: الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم (٦).

وقوله: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل، والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة.

﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أي: مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، فآت كل ذي حق حقه ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ أي: أحسن إلى خلقه، كما أحسن هو إليك ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: لا تكن همتك بما أنت فيه أن تفسد به في الأرض، وتسيء إلى خلق الله ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾.

﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن جواب قارون لقومه حين نصحوه، وأرشدوه إلى الخير ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ أي: لا أفتقر إلى ما تقولون، فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني


(١) ذكره الطبري دون سند عن ابن جريج.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم كلاهما من طريق ليث، وهو ابن أبي سُليم، عن شهر وليث فيه مقال.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق الأعمش به.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق علي بن أبي نجيح عن مجاهد.