للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بها حتى نظروا إليها، ثم أشار موسى بيده، ثم قال: اذهبوا بني لاوي فاستوت بهم الأرض (١).

وعن ابن عباس قال: خسف بهم إلى الأرض السابعة (٢).

وقال قتادة: ذُكر لنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة (٣)، فهم يتجلجلون فيها إلى يوم القيامة (٤)، وقد ذكر ههنا إسرائيليات غريبة أضربنا عنها صفحًا.

وقوله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ أي: ما أغنى عنه ماله ولا جمعه ولا خدمه وحشمه، ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه ونكاله، ولا كان هو في نفسه منتصرًا لنفسه، فلا ناصر له من نفسه ولا من غيره.

وقوله تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ﴾ أي: الذين لما رأوه في زينته قالوا: ﴿يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: ٧٩] فلما خسف به أصبحوا يقولون: ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ﴾ أي: ليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه، فإن الله يعطي ويمنع ويضيق ويوسع ويخفض ويرفع، وله الحكمة التامة والحجة البالغة.

وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود "إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب" (٥).

﴿لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا﴾ أي: لولا لطف الله بنا وإحسانه إلينا لخسف بنا كما خسف به لأنا ودِدنا أن نكون مثله ﴿وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ يعنون أنه كان كافرًا، ولا يفلح الكافرون عند الله لا في الدنيا ولا في الآخرة.

وقد اختلف النحاة في معنى قوله ههنا: [ويكأنَّ] (٦) فقال بعضهم: معناه ويلك اعلم أن، ولكن خفف فقيل ويك ودل فتح أن على حذف اعلم، وهذا القول ضعفه ابن جرير، والظاهر أنه قوي ولا يشكل على ذلك إلا كتابتها في المصاحف متصلة ويكأن، والكتابة أمر وضعي اصطلاحي، والمرجع إلى اللفظ العربي، والله أعلم.

وقيل: معناها: ويكأن أي: ألم تر أن؟ قاله قتادة.

وقيل: معناها: وي كأن، ففصلها وجعل حرف وي للتعجب أو للتنبيه، وكأن بمعنى أظن وأحسب.

قال ابن جرير: وأقوى الأقوال في هذا قول قتادة إنما بمعنى ألم تر أن (٧)، واستشهد بقول الشاعر:


(١) قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عنه بنحوه، وقول السدي أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عنه لكنه مرسل، والخبر عنهما من الإسرائيليات.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق أبي نصر، وهو الكوفي الأسدي، عن ابن عباس، وأبو نصر مجهول كما في التقريب.
(٣) أي: قامة الرجل؛ أي: بطوله.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكن قتادة لم يصرح باسم شيخه.
(٥) تقدم تخريجه في تفسيره سورة البقرة آية ٢٦٧.
(٦) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحف إلى: "ويك أن".
(٧) ذكره الطبري بنحوه.