للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنهما، وعن الضحاك بن مزاحم (١)، وهو الظاهر -والله أعلم-[لقوله] (٢) ﴿وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾.

﴿اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)﴾.

يقول تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أي: كما هو قادر على بداءته فهو قادر على إعادته ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي: يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله. ثم قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢)﴾.

قال ابن عباس: ييأس المجرمون (٣).

وقال مجاهد: يفتضح المجرمون (٤)، وفي رواية يكتئب المجرمون (٥)

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ﴾ أي: ما شفعت فيهم الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى وكفروا بهم وخانوهم أحوج ما كانوا إليهم.

ثم قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤)﴾ قال قتادة: هي والله الفرقة التي لا اجتماع بعدها (٦)؛ يعني: أنه إذا رفع هذا إلى عليين وخفض هذا إلى أسفل سافلين، فذلك آخر العهد بينهما، ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥)﴾.

قال مجاهد وقتادة: ينعمون (٧).

وقال يحيى بن أبي كثير: يعني سماع الغناء والحبرة أعمُّ من هذا كله (٨)، قال العجاج:

الحمد لله الذي أعطى الحبر (٩) … موالي الحق (١٠) إن المولى شكر (١١)

﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)﴾.

هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس والضحاك وقتادة.
(٢) زيادة من (ح) و (حم).
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) قول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والفريابي (ينظر تغليق التعليق ٤/ ٢٧٩)، والطبري كلهم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه.
(٨) أخرجه الطبري بعدة أسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٩) أي: السرور.
(١٠) أي: أولياء الحق.
(١١) استشهد به الطبري، والبيت في ديوان العجاج ص ٤.