للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، والجنة والنار، وغير ذلك مما أخبر (المؤمنون) (١) به وعنه؛ وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر وترك الزواجر ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ يعنون - لعنهم الله -: أصحاب رسول الله ؛ قاله أبو العالية (٢)، والسدي في "تفسيره" (٣) بسنده عن ابن عباس، وابن مسعود، وغير واحد من الصحابة؛ وبه يقول الربيع بن (٤) أنس، وعبد الرحمن بن زيد (٥) بن أسلم، وغيرهم: يقولون: أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة، وعلى طريقة واحدة، وهم سفهاء؟

والسفهاء: جمع سفيه كما أن الحكماء جمع حكيم، (والحلماء جمع حليم) (٦). والسفيه: هو الجاهل الضعيف الرأي، القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار؛ ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء في قوله (تعالى) (٧): ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] قال عامة علماء (التفسير) (٨): هم النساء والصبيان.

وقد تولى الله () (جوابهم) (٩) في هذه المواطن كلها؛ فقال: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾ فأكد وحصر السفاهة فيهم.

﴿وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعني: ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل؛ وذلك أردى لهم، وأبلغ في العمى والبعد عن الهدى.

﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)﴾.

يقول تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين قالوا: ﴿آمَنُوا﴾ (أي) (١٠): أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة غرورًا منهم للمؤمنين ونفاقًا، ومصانعةً وتقيةً، وليشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم.

﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ يعني: وإذا انصرفوا وذهبوا (وخلصوا) (١١) إلى شياطينهم، فضمن "خلوْا" معنى انصرفوا؛ لتعديته بـ"إلى"، ليدلَّ على الفعل المضمر، والفعل الملفوظ به.

ومنهم من قال: "إلى" هنا بمعنى "مع". والأول أحسن. وعليه يدور كلام ابن جرير (١٢).

وقال السدي (١٣)، عن أبي مالك: ﴿خَلَوْا﴾ يعني: مضوا. وشياطينهم: سادتهم وكبراؤهم ورؤساؤهم من أحبار اليهود ورؤوس المشركين والمنافقين.


(١) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (هـ) و (ي) ووقع في (ز) و (ل) و (ن): "المؤمنين" على اعتبار أن الفعل مبني للمعلوم.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٢٩). [وسنده جيد].
(٣) أخرجه ابن جرير (٣٤٤). [وسنده ضعيف ويتقوى بالآثار التي تليه].
(٤) أخرجه ابن جرير (٣٤٥، ٣٤٦). [وسنده جيد].
(٥) ساقط من (ز).
(٦) من (ز) و (ن).
(٧) في (ز): "السلف".
(٨) ل في (ع) و (ل) و (هـ) و (ي) وسقط لفظ "تعالى" من (ز) و (ن).
(٩) في (ل): "إخوانهم".
(١٠) ساقط من (ن).
(١١) في (ز): "وأخلصوا".
(١٢) في "تفسيره" (١/ ٢٩٨).
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٤٠). [وسنده حسن].