للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عصاك، قال: وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير متصدق وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر (١) له الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلًا ولا مالًا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك" وذكر البخيل أو الكذاب، والشنظير: الفحاش (٢). انفرد بإخراجه مسلم، فرواه من طرق عن قتادة به (٣).

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ أي: التمسك بالشريعة والفطرة السليمة هو الدين القيم المستقيم ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي: فلهذا لا يعرفه أكثر الناس، فهم عنه ناكبون، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)[يوسف] وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية [الأنعام: ١١٦].

وقوله تعالى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ قال ابن زيد وابن جريج: أي: راجعين إليه (٤).

﴿وَاتَّقُوهُ﴾ أي: خافوه وراقبوه، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ وهي الطاعة العظيمة ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ أي: بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه.

قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا يوسف بن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم قال: مرَّ عمر بمعاذ بن جبل فقال: ما قوام هذه الأُمة؟ قال معاذ: ثلاث وهن المنجيات: الإخلاص وهي الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها، والصلاة وهي الملَّة، والطاعة وهي العصمة، فقال عمر: صدقت.

حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب، عن [أبي قلابة] (٥) أن عمر قال لمعاذ: ما قوام هذا الأمر؟ فذكر نحوه (٦).

وقوله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)﴾ أي: لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم؛ أي: بدلوه وغيروه، وآمنوا ببعض وكفروا ببعض، وقرأ بعضهم: ﴿فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ فارقوا (٧) دينهم؛ أي: تركوه وراء ظهورهم، وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان وسائر أهل الأديان الباطلة مما عدا أهل الإسلام، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)[الأنعام]، فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومثل باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء، وهذه الأُمة أيضًا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلالة إلا واحدة وهم أهل السُّنَّة والجماعة، المتمسكون بكتاب الله وسُنَّة رسول الله ، وبما كان عليه الصدر الأول


(١) الزبر: العقل والرأي.
(٢) (المسند ٤/ ١٦٢) وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، الجنة وصفه نعيمها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (ح ٢٨٦٥).
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأخرجه بسند ضعيف، فيه الحسين بن داود وهو ضعيف، عن ابن جريج.
(٥) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صُحف إلى: "أبي ذلامة".
(٦) أخرجهما الطبري بسنديهما وهذان السندان يقوي أحدهما الآخر.
(٧) وهي قراءة متواترة.