للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفينا رسولُ الله يتلو كتابه … إذا انشقَ معروفٌ من الصبحِ ساطعُ

[أرانا الهدى بعد العَمَى، فقلوبُنا … به موقناتٌ أن ما قال واقع] (١)

يبيتُ يجافي جنبه عن فراشه … إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

وقال الإمام أحمد: حدثنا روح وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مُرَّة الهمذاني، عن ابن مسعود، عن النبي قال: "عجب ربنا من رجلين: رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حيه وأهله إلى صلاته فيقول ربنا: أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه من حيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله تعالى فانهزموا، فعلم ما عليه من الفِرار وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، فيقول الله ﷿ للملائكة: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه" (٢). وهكذا رواه أبو داود في الجهاد عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة به بنحوه (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي في سفر فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير فقلت: يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: "لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل"، ثم قرأ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾، حتى بلغ: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " فقلت: بلى يا رسول الله فقال: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله"، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " فقلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه ثم قال: "كُفَّ عليك هذا". فقلت: يا رسول الله: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم" (٤)، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم من طرق عن معمر به. وقال الترمذي: حسن صحيح (٥).


(١) زيادة من (ح) و (حم).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٧/ ٦١ - ٦٢ ح ٣٩٤٩)، وحسن سنده محققوه، ونقلوا عن الدارقطني تصحيحه موقوفًا.
(٣) السنن، الجهاد، باب في الرجل الذي يشري نفسه (ح ٢٥٣٦) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٢١١).
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ٣٤٤ ح ٢٢٠١٦)، وصحح سنده محققوه بالمتابعات والشواهد.
(٥) سنن الترمذي، الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة (ح ٢٦١٦) وقال: حسن صحيح، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦] (ح ١١٣٩٤)، وسنن ابن ماجه، الفتن، باب كف اللسان في الفتنة (ح ٣٩٧٣) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٢٠٩).